193

Explanation of the Book of Faith by Abu Ubaid - Al-Rajhi

شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد - الراجحي

Noocyada

بطلان مذهب الجهمية
قال المؤلف ﵀: [إلا الجهمية فإن الكاسر لقولهم قول أهل الملة وتكذيب القرآن إياهم حين قال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة:١٤٦]].
الجهمية من أشد الأصناف التي سبقت، فإن مذهبهم يبطله جميع أهل الملة ويردونه، والقرآن يكذب مذهبهم ويبطله؛ لخبثه وفساده؛ لأنهم قالوا: الإيمان معرفة الله بالقلب فقط، فهو مذهب خبيث وفاسد، وكل المسلمين يردونه ويبطلونه بعد تكذيب الله له، فالقرآن يبطل مذهبهم، والسنة تبطل مذهبهم، وعموم المسلمين كلهم يشنعون عليهم ويبطلون مذهبهم إلا الجهمية.
قوله: (وتكذيب القرآن إياهم حين قال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة:١٤٦]).
هذه الآية بين الله فيها أن أهل الكتاب يعرفون الرسول كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك اليهود والنصارى كفار بإجماع المسلمين، وهم يعرفون ربهم بقلوبهم ويعرفون صدق محمد ﵊ ومع ذلك فهم كفار، وهذا يبطل مذهب الجهمية الذين يقولون: الإيمان معرفة الرب بالقلب.
قال المؤلف ﵀: [وقوله: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل:١٤]].
كذلك أخبر الله عن فرعون الذي ادعى الربوبية أنه يعرف ربه بقلبه وأنه مستيقن في الباطن، قال الله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل:١٤]، ومع ذلك ففرعون رأس في الكفر والضلال وهو يعرف ربه مستيقن بقلبه، وهذا كله يبطل مذهب الجهمية الذين يقولون: الإيمان معرفة الرب بالقلب.
قال المؤلف ﵀: [فأخبر الله عنهم بالكفر إذا أنكروا بالألسنة].
أخبر الله عن أهل الكتاب أنهم كفروا، وكذلك فرعون وملئه؛ لأنهم أنكروا بألسنتهم، ولهذا قال: ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:١٤٦]، فرعون أنكر باللسان وكذب موسى، وكذلك أهل الكتب كذبوا النبي ﷺ، وأنكروا رسالته ونبوته فكفروا لما كذبوا بألسنتهم ولو كانوا يعرفون بقلوبهم.
قال: [وقد كانت قلوبهم بها عارفة].
نعم كانت القلوب عارفة لكن كفروا لما كذبوا بألسنتهم.
قال المؤلف ﵀: [ثم أخبر الله ﷿ عن إبليس أنه كان من الكافرين وهو عارف بالله بقلبه ولسانه أيضًا].
إبليس أخبر الله أنه كافر قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:٣٤]، مع أنه عارف ربه بقلبه ولسانه؛ لأن الله أخبر عنه، قال: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الحجر:٣٦].
إذًا: إبليس عرف ربه بقلبه ولسانه لكن لما استكبر عن عبادة الله صار كافرًا، فكون الإنسان يعرف ربه بقلبه وبلسانه لا يكفي حتى ينقاد لشرع الله ودينه.
قال المؤلف ﵀: [في أشياء كثيرة يطول ذكرها كلها ترد قولهم أشد الرد وتبطله أقبح الإبطال].
يقول المؤلف ذكرنا الآيتين كمثال، وإلا فالأدلة كثيرة من الكتاب والسنة كلها تبطل مذهب الجهمية وتردها وتبطلها.

13 / 14