Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah
شرح لامية ابن تيمية
Noocyada
العقيدة في الاصطلاح
ذكر العلماء رحمهم الله تعالى أن العقيدة ترتبط بمسألة القلب، وأي شيء يُعتبر معتقدًا للإنسان لابد أن يكون منبعه القلب، سواء كانت العقيدة ضالة أو صحيحة، ولذلك فإن مسائل الاعتقاد منبعها القلب.
ولذلك قيل: هي ما يدين الإنسان به ربه.
وبعض أهل العلم قالوا: هي ما يدين الإنسان ربه على وجه العموم.
وبعضهم قال: هي حكم الذهن الجازم، فإذا طابق الواقع كان صحيحًا، وإذا خالف الواقع كان فاسدًا.
فمسائل حكم الذهن الجازم في مسائل متعددة، بالنسبة للمؤمن ذهنه جازم بأن الله موجود، وبأن محمدًا ﷺ رسول الله وهو الصادق، ويصبح هذا معتقدًا جازمًا لا تردد فيه، فإذا طابق الواقع كان صحيحًا
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
عقيدتنا ولله الحمد صحيحة، لكن إذا جاءنا الشيوعي فقال: لا يوجد إله أبدًا، قلنا: الواقع كله يشهد لله، فعقيدتك باطلة لا محالة.
ومن العلماء من قال في تعريف العقيدة: هي مثلٌ عليا يؤمن بها الإنسان ويعتقدها ويدين بها، فيضحي من أجلها بماله ونفسه وما يملك، ومن الأمثلة عليها: قضية عرض الإنسان الأخلاق إلى غيره، تجد الإنسان إذا تعرض له في عرضه لا يصبر أبدًا إلا إذا كان ديوثًا، ولذلك أخبر النبي ﷺ: (لا يدخل الجنة ديوث) إنسان لا يعرف هذه المثل ولا قيمتها، وجاءت عندنا مثل عليا، فلو دخل علينا شخص الآن، ثم جلس يسب الرسول ﷺ؛ هل نسكت؟ تجد أحدنا لن يصبر، هذا سيرميه بمسجلة، وهذا بشيء، وهذا بعقاله، وهكذا فلن نسكت عليه أبدًا.
السبب: لأن شخصية محمد ﷺ واجب أن ندافع عنها بمالنا وأنفسنا وكل ما نملك، ولا يمكن أبدًا أن نسكت على القائل في محمد شيئًا، وكذا إذا تعلق بسب الرب ﷾، أو دخل شخص يسب ديننا، ويسب عقيدتنا، نحن لا نرتضي منه ذلك أبدًا، ولو دخل شخص قال: إنكم على ضلال مبين، وإنكم على انحراف، وأن مصيركم إلى النار، كما تقوله بعض الطوائف المنحرفة روي عن الكوثري أنه كان يقول: جنة يدخلها شيخ الإسلام لا ندخلها نحن!! ومسكين هذا لا يمكن أن نسكت على مثل هذا الأمر، ندافع عنه، ولذا وقف أصحاب رسول الله ﷺ مدافعين عن مسائل الاعتقاد أشد الدفاع، بل نجد أنه لم يشرع الجهاد في الإسلام إلا للدفاع عن قضية العقيدة، وكان الصحابة يفدون رسول الله بأموالهم وأنفسهم وكل ما يملكون، ولعل الأمثلة على ذلك كثيرة، فإن طلحة بن عبيد الله وقف أمام النبي ﷺ يدافع، حتى شلت يمينه، وجاء يفتخر بيده الشلاء، ويقول للتابعين: والذي نفسي بيده ما شلت هذه إلا دفاعًا عن نبيكم محمد ﷺ، واعتبرت منقبة له لا تُنسى إلى يوم القيامة.
والصحابي خبيب ﵁ عندما كان يقول:
ولست أبالي حين أقتل مسلمًا على أي جنب كان في الله مصرعي
والسبب: لأنه دافع عن دين الله تعالى، وعن العقيدة الصحيحة.
من التعاريف قالوا: إنها أمور وقضايا لا تقبل الجدال ولا المناقشة، أي: أنها مؤصلة معمقة في القلب لا زعزعة فيها أبدًا.
ومن الأمثلة البسيطة في مسائل التي تجد أنك جازم بها: لو دخل علينا شخص، ثم أراد أن يشكك في أصلٍ من أصول الإيمان، هل يمكن أن نقول له: اجلس لعل عندك حقًا نسمعه منك، أو خيرًا نستفيده منك؟ نقول: لا، مسائل العقيدة لا تقبل الجدال ولا المناقشة؛ لأنها أمور ومسلمات، وكل هذه التعاريف التي ذكرناها تشمل العقيدة الصحيحة الإسلامية والعقائد الأخرى، ولكن هناك ثمة تميز، ولذلك نقول: إن العقيدة هي الأمور التي يعتقدها الإنسان ويعقد عليها قلبه وضميره، وهي تتعلق بما جاء به الله وجاء به رسوله ﷺ من أمور الغيب، وتعتبر مسائل اعتقاد هنا فيما يتعلق بذات الله تعالى، أصول الإيمان كلها تعتبر من الأصول التي يعقد الإنسان عليها قلبه وضميره، ولهذا اعتبرت متعلقة بالأمور الباطنة بخلاف الإسلام فإنه يتعلق بالأمور الظاهرة.
ونصلي ونسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
4 / 15