Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah
شرح لامية ابن تيمية
Noocyada
ورع الصحابة في سؤال النبي ﷺ
كان الصحابة ﵃ وأرضاهم يتورعون أن يسألوا الرسول ﷺ في المسائل الواقعة الحادثة خاصة التي يخشون أن ينزل عليهم فيها قرآن، ولعل من الأمثلة: قصة الذي جامع أهله، فذكرت كتب السير وشراح الحديث أنه لما جامع أهله في نهار رمضان جاء إلى قومه، فقال: انطلقوا فاسألوا رسول الله ﷺ فإني أستحي أن أسأله، فقال الصحابة: والله لا نسأل، نخاف أن نسأل فينزل فينا قرآن.
فذهب ضيق الصدر خائفًا من رسول الله ﷺ، ووقف بين يديه وهو يقول: يا رسول الله! هلكت.
تعبير عظيم جدًا، مما يدل على حرقته من الذنب الذي قد عمله، ومن أثر المخالفة التي وقعت في نفسه، وهذا يبين لنا ما كان عليه صحابة رسول الله ﷺ بمنهجهم الفريد عن منهجنا نحن، الصحابي إذا حدث عنده تقصير أو تفريط، يعبر عن هلاكه وحسرته لما فقد من الأجر والثواب، وعن خوفه من عقوبة الله تعالى، ثم سأله ﷺ: (ما أهلكك؟ قال: يا رسول الله! واقعت أهلي في نهار رمضان) يقول: فكنت أظن أن الرسول ﷺ سيغضب علي، وسوف يسبني وسيتكلم عليّ، فقال له الرسول ﷺ: (أعتق رقبة، قال: يا رسول الله! والله لا أجد، قال صم شهرين متتابعين، قال: يا رسول الله! وهل وقعت إلا بسبب الصيام، لم أصبر شهرًا كيف أصبر شهرين، فقال له الرسول: أطعم ستين مسكينًا، قال: والله ليس عندي طعام، خرجت من بيتي وما فيه ما آكله، قال له: اجلس، فجلس، ثم جاء النبي ﷺ بمكتل فيه تمر، ثم قال النبي ﷺ: أطعمه ستين مسكينًا فقال: يا رسول الله! أعلى أفقر منا؟ فقال له الرسول: خذه وكله أنت وأهلك) .
وماذا كانت النتيجة؟ رجع إلى قومه يسبهم؛ لأنه أراد منهم أن يشفعوا له عند رسول الله فما شفعوا له، قال: ذهبت إلى رسول الله فوالله ما كهرني ولا نهرني ولا سبني، ثم رجع بمكتل سيأكله بقية رمضان ﵁ وأرضاه، جامع أهله في نهار رمضان، وجاء بطعام يكفي ستين مسكينًا ﵁ وأرضاه، مما يدل على أن الصحابة ﵃ يتميزون بمزايا وخصائص على سائر الناس.
4 / 11