Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah

Omar Al-Eid d. Unknown
129

Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah

شرح لامية ابن تيمية

Noocyada

من مناقب الصديق ﵁ ثم قال الناظم ﵀: لكنما الصديق منهم أفضل قوله: الصديق: في القاموس: الصدق ضد أو نقيض الكذب، قال: وصدقه قبل قوله، وصدقه الحديث أي: أنبأه بالصدق، والصديق الدائم التصديق، ويكون في الذي يصدق قوله بالعمل، أي شخص يصدق قوله بالعمل يسمى صديقًا، وورد في القرآن: ﴿وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾ [المائدة:٧٥] أي: مبالغة في الصدق. وكذلك روي أن أبا بكر الصديق ﵁ وأرضاه سمي بـ الصديق بأثر ونص من السماء، وهذا الأثر قد رواه الحاكم والطبراني في الكبير لكن الحديث ضعيف لا يحتج به. وذكروا السبب في تسميته صديقًا، وإن ذلك كان بعد حادثة الإسراء والمعراج، فإنه لقي في أثناء الطريق فقيل له: أما سمعت ما قال صاحبك؟ قال: وما قال؟ قالوا: إنه يدعي أنه صعد إلى السماء وذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلته، قال: لئن كان قد قال ذلك فقد صدق، أما إني أصدقه في أعظم من ذلك، أصدقه في خبر السماء. أي: في الوحي وهو أعظم من قضية الذهاب إلى بيت المقدس أو الصعود إلى السماء، قالوا: فمنذ ذلك الحين سمي أبو بكر صديقًا. ونقل إجماع أهل السنة والجماعة أن أبا بكر الصديق ﵁ هو أفضل الصحابة على الإطلاق، وقد ورد فيه آيات، وذكر المفسرون رحمهم الله تعالى في آيات أنها نزلت في أبي بكر كما في قوله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴾ [الليل:١٧] قالوا: إنها نزلت في أبي بكر، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر:٣٣] كذلك، وبإجماع المفسرين أنه هو المعني في قوله في ثناء الله عليه: ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠] . ولذلك نقل في كتب السير أن عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه قال: [لساعة من أبي بكر الصديق -يتمنى أن تكون له- خير لي من عمري أو من عملي كله، وذكر هذه الآية ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠]] مما يدل على فضل أبي بكر الصديق. وقد أخرج الإمام أحمد وغيره عن علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال: [خير الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر /W>] يقول الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: وهذا متواتر عن علي بن أبي طالب، وذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوي المصرية أنه روي عن علي بن أبي طالب من نحو ثمانين وجهًا، مما يدل على أنه متواتر عن علي بن أبي طالب. أبو بكر الصديق له منازل عليا: أولها: أنه من أوائل من أسلم من الرجال ﵁ وأرضاه، وهذا فضل عظيم جدًا، ولذلك ما جاءت الموازنة، بعض العلماء يقول: أول من أسلم أبو بكر، ولكن الذين جمعوا فقالوا: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة، وأول من أسلم من الفتيان علي بن أبي طالب، وأول من أسلم من النساء خديجة بنت خويلد؛ لكي يجعلوا لكل واحد منهم فضلًا ومنزلة ﵃ وأرضاهم. ثانيها: أنه أسلم على يديه ستة من العشرة المبشرين بالجنة أو أكثر من ذلك، فأسلم علي يديه: عثمان، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وغيرهم من أصحاب رسول الله ﷺ. له خصائص منها: جمع المصحف، وقيل: إنه ﵁ أول من جمع القرآن بعد وقعة اليمامة حين قتل عدد كبير من أصحاب رسول الله ﷺ، وإن كان بعضهم يرى أن هذا نقد عليه ولكنهم من أجهل الناس، بل هذا من حفظ الله تعالى لدينه، وحفظ الله تعالى لما جاء عن الله وجاء عن رسوله بأن يسر الله هذا الرجل الصالح ﵁ وأرضاه بأن جمع القرآن مخافة أن يتفلت. كان من أشد الناس تورعًا ﵁ وأرضاه، وقصته مشهورة في أنه ما كان يدخل في جوفه طعامًا حتى يسأل الغلام: من أين جئت به؟ وأكل ﵁ لقمتين وسأل الغلام: من أين؟ قال: ذاك مال تكهنت به في الجاهلية، وكانت النتيجة أن أدخل إصبعه ليخرجه، فقال له الصحابة: رويدك! هذا طعام قد ذهب، قال: والله لو لم يخرج إلا بروحي معه لأخرجته، فقاءه ﵁ تورعًا وتقوى. ولاشك أنه ﵁ وأرضاه سمي بـ الصديق، وهذا لقب يتميز به على سائر الصحابة إطلاقًا، ولعل السبب في ذلك: ما وجد في قلبه من التسليم والتصديق لله ولرسوله ﷺ، وما نقل أنه اعترض على رسول الله ﷺ أبدًا في أمر أو مشورة أو خبر أو غيره، بل كلها التسليم والتصديق لله ولرسوله ﷺ. ومن أعظمها أنه لما حدث خلاف بينه وبين عمر بن الخطاب ﵄، ولعل عمر بن الخطاب غضب على أبي بكر الصديق، وكان قد قيل: إن أبا بكر قد أخطأ على عمر، فندم أبو بكر الصديق وجاء يستسمح من عمر بن الخطاب ﵁، فلم يقبل منه عمر، فرجع أبو بكر الصديق ورآه النبي ﷺ وإذا بوجه أبي بكر قد تغير، فغضب النبي ﷺ على عمر وقام أمام الصحابة ﵃ جميعًا، معلنًا لهم منزلة أبي بكر الصديق العظمى، فقال لهم: (هل أنتم تاركو لي صاحبي؟) أي: لا ينبغي لكم أن تتعرضوا له بشيء ولا أن تغضبوه فله المنازل العليا، ثم قال: (إني قلت: أيها الناس! إني رسول الله إليكم جميعًا فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت) فبعدها جاء عمر بن الخطاب يستسمح ويقول: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، نظرًا لأنه علم أن رسول الله ﷺ قد غضب، وهذا يدلنا على أن أبا بكر ﵁ كانت له المنازل العليا. بل أعظمها أن النبي ﷺ كان لا يفقده صباحًا ولا مساءً، فقد كان أبو بكر ﵁ كان من ألصق الناس برسول الله ﷺ وأكثر الصحابة صحبة له، ولذلك قال الإمام الذهبي ﵁ وأرضاه: صحب أبو بكر الصديق النبي ﷺ من حين أسلم إلى حين توفي لم يفارقه لا حضرًا ولا سفرًا إلا في أمرٍ قد أذن فيه الرسول ﷺ له، كالحج والجهاد وغيره، وكذلك أنفق ماله كله في سبيل الله تعالى. سأل بعض الأحبة، قال: إنك تترضى على بعض أئمة السلف، ونقول: قضية الترضي قد جعلت شعارًا لأصحاب رسول الله ﷺ، لكن إذا مرت مرورًا عرضيًا فلا مانع من الترضي على بعض أئمة السلف، كالإمام أحمد، أو كشيخ الإسلام ابن تيمية أو غيره، لكن جعلها شعارًا فهي خاصة بأصحاب رسول الله ﷺ. أبو بكر ﵁ وأرضاه أنفق ماله كله، فقيل: إن عمر بن الخطاب جاءته تجارة، فقسم ماله نصفين حين سمع أمر النبي ﷺ بالإنفاق في سبيل الله، وقال عمر: [قلت في نفسي: إني أغلب أبا بكر ﵁ في الإنفاق، فجئت بمالٍ عظيم وقدمته بين يدي رسول الله، وسألني النبي ﷺ: ما الذي تركت لأهلك؟ قلت: يا رسول الله، تركت لهم مثل الذي أعطيتك، قال عمر: وجلست أنتظر وإذا أبو بكر جاء بمال عظيم، وقدمه بين يدي رسول الله ﷺ، وسأله الرسول: ما الذي تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله، أي: لم يَبْقَ عنده شيء من ماله، وما أنكر عليه النبي ﷺ أن أنفق ماله كله في سبيل الله، فقال عمر بن الخطاب: والله ما هممت أن أسبق هذا الرجل إلا سبقني] كأنه يريد أن يقطع الأمل كليًا في أن يفكر أحد أن يسبق هذا الرجل الصالح ﵁ وأرضاه. وفي الصحيحين من حديث عمرو بن العاص ﵁، قال (قلت: يا رسول الله، أي النساء أحب إليك؟ قال: عائشة، ومن الرجال؟ قال: أبوها -أي: أبو بكر - قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب /H>) . وورد أن الواجب علينا أن نتعرف على شخصية هذين الكبيرين: أبي بكر وعمر؛ والسبب في ذلك أن لهم منازل عليا ﵄. وقد ذكرنا في دروس مضت أن الحسن البصري لما سئل: أحب أبي بكر سنَّة؟ قال: بل فريضة! وكان الإمام مالك بن أنس يقول: كان السلف يعلمون أبناءهم حب أبي بكر وعمر كما يعلمونهم السورة من القرآن. وأثنى النبي ﷺ على أبي بكر في قوله: (لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن صاحبكم -يقصد نفسه- خليل الله) . وقد كانت له من المنازل العليا في المسابقة بالأعمال، ومرة سأل رس

8 / 16