Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh
شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
Noocyada
وَالْحَوْضُ الَّذِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ -غِيَاثًا لِأُمَّتِهِ- حَقٌّ.
قال الطحاوي ﵀ (وَالْحَوْضُ الَّذِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ -غِيَاثًا لِأُمَّتِهِ- حَقٌّ.)
هذه الجملة مشتملة على تقرير عقيدة أهل السنة والجماعة في مسألة الحوض، فقال: إنَّ الحوض حقّ.
ومعنى أنّ الحوض حق يعني أنه كما أخبر نبينا ﷺ حَقٌ، كما أخبر على ظاهر ما ورد فيه في صفته، وفيما جاءت الأخبار، فليس ثَمَّ شيء من ذلك يُرَدْ ولا يُؤَوَّلْ على خلاف ظاهره، فإنه حقّ يجب اعتقاد ما دلَّ عليه الدليل في ذلك، والحوض هذا أكرم الله ﷿ به محمدا ﷺ.
لهذا نقول: إنَّ الحوض من المسائل العظيمة التي يبحثها أهل السنة والجماعة في الاعتقاد، وبَحْثُهُم لها من جهات؛ يعني سبب بحثهم له في العقائد من جهات:
١- الجهة الأولى: أنَّ الحوض أمر غيبي، والأمور الغيبية الإيمان بها واجب، فإنَّ الله سبحانه أثنى على خاصة عباده بقوله ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة:٢-٣]، فجعل أخَصَّ صفاتهم الإيمان بالغيب.
٢- الجهة الثانية: أنَّ الحوض دَلَّت عليه الأدلة من السنة بما يبلغ حد التواتر -التواتر النقلي والتواتر المعنوي-؛ لأنها رُويت من طريق أكثر من خمسين صحابيًا، وبعض أهل العلم أوصلها إلى طريق ثمانين صحابيا، كما سيأتي بعض مزيد بيان لذلك.
٣- الجهة الثالثة: أنَّ الحوض خالف فيه المبتدعة من الخوارج والرافضة والمعتزلة.
- خالف المعتزلة في إنكارهم للحوض أصلًا.
- وخالف الروافض والخوارج في فهم أحاديث الحوض، كما سيأتي بيانه.
فإذًا مسألة الحوض من المسائل العقدية التي ترتبط بأمر غيبي، وبنقل متواتر لا يجوز رَدُّهُ، وبمخالفة المبتدعة من أصحاب الفرق الضالة.
قال الطحاوي (وَالْحَوْضُ الَّذِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ -غِيَاثًا لِأُمَّتِهِ- حَقٌّ.) فذَكَرَ أنَّ الحوض إكرام لنبينا ﷺ به، أكرم الله نبيه بهذا الحوض.
وإكرامه بهذا الحوض لا يعني أن الحوض خاص بالنبي ﷺ؛ بل قد جاء في الحديث «إنّ لكل نبي حوضا» (١) وهذا يناسب ما سيأتي بيانه من أنَّ النبي ﷺ يذودُ الناسَ عنه؛ يعني ممن ليس من أمته صارفًا لهم عن إتيان حوضه إلى الذهاب إلى أحواض الأنبياء كما وَجَّهَهُ طائفة من أهل العلم.
فإذًا الحوض إكرام للنبي ﷺ، وفي إكْرَامِهِ إِكْرِامٌ لأمته ﷺ بذلك الحوض الذي سيأتي وصفه إن شاء الله تعالى.
قال (غِيَاثًا لِأُمَّتِهِ) وكلمة (غِيَاثًا) هذه نفهم منها أنَّ الطحاوي ﵀ أراد أنَّ الحوض تُغاثُ به الأمّة، وكون الأمّة تُغاث بالحوض يعني بماء الحوض؛ يعني أنها تُغاث به وقت حاجتها إلى الحوض.
وهذا يدلُّ على أنَّ الطحاوي يذهب إلى أنَّ الحوض يكون في عَرَصَات القيامة قبل ورود الصراط وقبل العبور على النار وقبل تجاوز الصراط، يكون قبل ذلك إذا اشتدّ بالنّاس الحاجة إلى أن يشربوا من ذلك الحوض.
فإنَّ مقام الساعة عظيم والزمن طويل يلبث الناس في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ويشتدّ عليهم البلاء، ويشتدّ عليهم الكرب، فيكرم الله ﷿ نبيّه ﷺ بالحوض، ويُكْرِمُ أُمَّتَهُ بأن يجعله غياثًا لهم، فمن شرب منه شربة في ذلك اليوم العصيب لم يضمأ بعدها أبدًا، فهذا معنى قوله (غِيَاثًا لِأُمَّتِهِ) .
قال (حَقٌّ)
يعني أنه واقع وحاصل، وأنه موجود، وأنّ الإيمان به فرض، وأنّ غير ذلك باطل.
إذا تبيّن ذلك في بيان معنى ما قاله الطحاوي ﵀ ففي مسألة الحوض مسائل:
(١) الترمذي (٢٤٤٣)
1 / 190