فالنفاة لعلو الله إذا حزب أحدهم شدة وجه قلبه إلى العلو يدعو الله"١.
الرابع: أن مما يدفع هذا الخيال الفاسد، والتوهم الباطل من أن المعية تقتضي اختلاطه بخلقه "أن القرآن قد جعل المعية خاصة أكثر مما جعلها عامة، ولو كان اختلاط ذاته بالمخلوقات لكانت عامة لا تقبل التخصيص"٢، "فإنه قد علم أن قوله: ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠] أراد به تخصيصه-ﷺ، وأبا بكر دون عدوهم من الكفار، وكذلك قوله: ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ [النحل: ١٢٨] خصهم بذلك دون الظالمين، والفجار"٣.
الخامس: أن مما يدفع هذا الوهم الفاسد المثل المضروب، فقد ضرب مثلًا بالقمر، وهو من أصغر مخلوقات الله السماوية، فهو فوق الناس، وهو مع المسافر، وغير المسافر، ولا يشك عاقل أنه غير مخالط للناس مع كونه معهم حقيقة، "ولله المثل الأعلى، ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا، وإمكانه لا تشبيه الخالق بالمخلوق"٤.
وهو – سبحانه – فوق العرش، رقيب على خلقه، مهيمن عليهم، مطلع إليهم إلى غير ذلك من معاني الربوبية، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله – سبحانه – من أنه فوق العرش، وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف،
في هذا بيان مقتضى معية الله لخلقه، وحكمها، "فالله – تعالى – عالم بعباده، وهو معهم أينما كانوا، وعلمه بهم من لوازم المعية"٥،