أما وسطية أمة الإسلام بين الأمم فلا يشك منصف "أن المسلمين هم عدل، متوسطون، لا ينحرفون إلى غلو، ولا إلى تقصير. أما اليهود، والنصارى فهم على طرفي نقيض، هؤلاء ينحرفون إلى جهة، وهؤلاء ينحرفون إلى الجهة التي تقابلها كتقابلهم في النسخ، وكذلك تقابلهم في التحريم، والتحليل، والطهارة، والنجاسة"١. فالمسلمون "وسط كما قال – تعالى – فيهم: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] أي: عدلًا خيارًا"٢، وهذا في الحقيقة "باب يطول وصفه"٣.
فهم وسط في باب صفات الله – سبحانه، وتعالى – بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبهة،
وبيان هذا أن أهل السنة والجماعة في: "باب أسماء الله، وآياته، وصفاته وسط بين أهل التعطيل الذين يلحدون في أسماء الله، وآياته ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه، حتى يشبهوه بالعدم، والموات، وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال، ويشبهونه بالمخلوقات"٤ فأهل السنة "يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسله من غير تعطيل، ولا تمثيل، إثباتًا لصفات الكمال، وتنزيهًا له عن أن يكون له فيها أنداد، وأمثال، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل"٥.