199

Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

Noocyada

شرف وصف العبودية للنبي ﷺ
وهنا ذكر النبي ﷺ بثلاث صفات: الصفة الأولى: الاجتباء.
والثانية: الارتضاء.
والثالثة: الاختيار.
وقد وصفه أيضًا بالعبودية، وتكلم الشارح هنا على العبودية، ونحن نتكلم عليها توضيحًا لما قاله، وإن كان فيما ذكره كفاية، فنقول: وصف الله نبيه بالعبودية في هذه الآيات، كما في قوله في مقام التحدي: ﴿وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ [البقرة:٢٣]، فما قال: على رسولنا.
وفي مقام الإسراء: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء:١]، وفي مقام الدعوة: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ [الجن:١٩]، وفي مقام إنزال الكتاب: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ [الكهف:١]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان:١]، ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النجم:١٠]، والآيات في ذلك كثيرة.
وكذلك ذكر الشارح أيضًا أن عيسى وصفه بذلك، فإذا طلب من عيسى الشفاعة قال: (اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، ولم يقل: (رسول)، وذلك لأن العبودية هي الصفة الأصلية للخلق.
وكذلك وصف بها أيضًا الأنبياء قبله، قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ﴾ [ص:١٧]، ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ﴾ [ص:٤١]، ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ [ص:٤٥]، كلهم وصفهم بأنهم عبيد وعباد وواحدهم عبد.
وكذلك حكى عن عيسى العبودية، وأنها أول ما تكلم به وهو في المهد، فقال: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ [مريم:٣٠]، وقال عنه في آخر سورة النساء: ﴿لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾ [النساء:١٧٢] أي: لا يأنف من العبودية، بل يراها صفة شرف، وكذلك الملائكة: ﴿لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [النساء:١٧٢]، فالملائكة أيضًا لا يستنكف أحدهم أن يكون عبدًا لله، بل هم قد وصفوا بذلك في قوله تعالى: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنبياء:٢٦-٢٧]، فأول ما وصفهم به أنهم عباد، يعني أنهم مملوكون لله.
وقد وصف الله جميع الخلق بذلك في قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم:٩٣] .

14 / 3