Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

Ibn Jibreen d. 1430 AH
104

Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

Noocyada

اعتقاد أهل السنة في أولية الله وأزليته يعتقد أهل السنة أن رب هذا الكون واحد، وأنه الذي يتصرف في الكون، وأنه قديم ليس له بداية وأنه دائم ليس له نهاية، وقد ذكر الله تعالى أن كلامه لا ينفد بقوله: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ [الكهف:١٠٩]، وما ذاك إلا أن كلام الله ليس له بداية ولا نهاية، فالبحر ولو كان معه سبعة أبحر تمده، وكانت الأشجار من أول الدنيا إلى آخرها أقلامًا، فكتب بتلك الأقلام بمداد هذه البحار، لنفدت البحار ولتكسرت الأقلام ولم ينفد كلام الله؛ وذلك لأنه لا بداية له ولا نهاية، ولا شك أن هذه من الحجج العقلية التي تقطع مخاصمة أولئك. وإذا عرف المسلمون أن لهم خالقًا خلقهم وخلق هذا الكون، عرفوا أنهم ما خلقوا عبثًا، فلا بد أن للخالق الذي خلقهم وأنعم عليهم حقًا عليهم، فيعرف العبيد حق الله عليهم وهو عبادته وحده لا شريك له، فيكون هذا دافعًا لهم إلى أن يقوموا بهذا الحق، ثم بعد ذلك يعلقون آمالهم راجين الثواب الذي رتب لهم على تلك العبادة. والحاصل أن كل عاقل إذا فكر في هذا الكون ورأى تواجده ورأى أنه حدث بعد أن كان معدومًا، عرف أنه قد كان معدومًا وأنه لا بد له من محدث، وذلك المحدث لو كان مفتقرًا إلى محدث آخر لكان فقيرًا، ثم قد يقال أيضًا: من الذي أحدث المحدث الأول، وإذا كان له محدث فمن الذي أحدث الذي قبله؟ فيلزم من ذلك التسلسل. فإذا قيل: إن المحدث واحد، وإنه غير مسبوق بعدم، وإنه الأول بلا بداية، انقطع التسلسل ولم يكن هناك تسلسل في الماضي ولا في المستقبل. وهذه حجة عقلية، ولكن تكفي عنها هذه الآية النقلية وما يشابهها من الآيات التي يحتج الله بها على عباده، ففي قدرته وكمال تصرفه في هذا الكون، وما فيه من الآيات عبرة وعظة، ولكن تلك العبرة والعظة إنما ينتفع بها أهل العقول.

10 / 4