Explaining the Tahawiyyah Creed - Safar al-Hawali
شرح العقيدة الطحاوية - سفر الحوالي
Noocyada
وجاء تفسير ذلك في قول النبي ﷺ في حديث الدعاء قبل النوم (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء) وهذا هو الذي يسميه المتكلمون قطع التسلسل في الأول وكذلك في الآخر، فهم يقولون: يمتنع أن يكون لله ﷾ بداية كان قبلها عدمًا، وكذلك يمتنع أن يكون له نهاية ويكون بعدها عدما، فقالوا إذًا نقول: التسلسل ممنوع في الأول وممنوع في الآخر، وهذا الكلام جاء في القرآن والسنة بأوفر بيان وأفضله، فقال الله ﷾: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وقال النبي ﷺ: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء) وهذا يغني عن كلام الفلاسفة والمناطقة والمتكلمين، لكن المصنف هنا يريد أن يثبت ذلك من واقع كلامهم.
فالفلاسفة ينظرون إلى الوجود من حيث إنه ثلاثة أقسام: واجب الوجود أو ممتنع الوجود، أو ممكن الوجود، فيقولون: إن هذه الأقسام الثلاثة، تحوي كل متعلقات الوجود، فإن الأشياء إما واجبة الوجود لذاتها، وإما ممتنعة الوجود لذاتها، وإما ممكنة الوجود والعدم، وذكر المصنف: أن هذه المخلوقات المشاهدة لا شك أن لوجودها بداية بدليل أننا نراها وجدت قبل أن لم تكن موجودة، فنحن -مثلًا- جئنا والأرض موجودة لكننا نرى السحاب كيف يوجد، ونرى الشجرة كيف تنمو وتوجد، فكثير من الأشياء توجد بعد أن لم تكن موجودة، إذًا هذه الأشياء لا نقول ممتنعت الوجود لأنها موجودة، ولا نقول: إنها واجبة الوجود لأنها كانت من قبل في العدم، إذًا فهي من القسم الآخر وهو ممكن الوجود، وأنتم متفقون معنا أي: الفلاسفة والمتكلمون على أن ممكن الوجود يفتقر إلى واجب وجود أوجده.
1 / 174