Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls
فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
Noocyada
في المسألة خلاف بين أهل العلم، فبعضهم يقرر ما قرره المؤلف ويقول إنه من السنة، لكنهم يعتمدون على أحاديث ضعيفة لا يصح منها شيء، ولم يثبت عن النبي ﷺ في حديث صحيح أنه كان يوجه المحتضر إلى القبلة، وهو حديث عبيد بن عمير عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال وقد سأله رجل عن الكبائر، قال: «هي تسع» يعني الكبائر، وذكر منها «استحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتًا» (١)
قالوا: قال: «قبلتكم أحياءً وأمواتًا»، فمن أراد أن يموت نستقبل به القبلة.
وهذا خطأ، خطأ من ناحية أن الحديث نفسه ضعيف لا يصح.
والأمر الثاني: قوله أمواتًا، فالمحتضر ليس ميتًا ما زال حيًا فلا يدخل فيه.
وإنما المقصود أنكم تستقبلون البيت في الصلاة، وكذلك أمواتًا في القبر، فالميت في قبره يكون متجهًا إلى القبلة.
واستدلوا أيضًا بحديث عند الحاكم عن أبي قتادة أن البراء بن معرور أوصى أن يوجه إلى القبلة إذا احْتُضِر، فقال رسول الله ﷺ: «أصاب الفطرة»، وهو حديث ضعيف، فهو مرسل وفيه نعيم بن حماد، وهو ضعيف (٢).
وكان سعيد بن المسيب وهو أحد أئمة التابعين الكبار من فقهاء المدينة السبع يُنكر هذا الفعل، فقد وجهوه إلى القبلة وكان يحتضر فلما استيقظ قال من فعل بي ذلك، قالوا فلان فأنكره وقال: أليس الميت أمرأً مسلمًا، فلماذا توجهونه إلى القبلة (٣).
فالعبرة بالدليل على كل حال، وبما أنه لم يرد في السنة شيء صحيح عن النبي ﷺ في ذلك، فليس هذا من السنة وخاصة أنه قد ثبت عن النبي ﷺ أنه حضر أكثر من واحد كانوا يحتَضَرون ومع ذلك لم يثبت عنه في حديث واحد أنه أمر بهم أن يوجهوا إلى القبلة، فالصحيح إذًا أن هذا الفعل ليس من السنة.
(١) أخرجه أبو داود (٢٨٧٥) عن عبيد عن جده، ولجده صحبة. في سنده عبد الحميد بن سنان، قال البخاري: في حديثه نظر. انتهى قلت: يعني هذا الحديث. وقال الذهبي: لا يعرف، وقد وثقه بعضهم. انتهى. قلت: كأنه يشير إلى ذكر ابن حبان له في الثقات. . وله شاهد من حديث ابن عمر لا يقويه؛ ففي سنده أيوب بن عتبة ضعيف، واختلف عليه فيه، وشيخه طيسلة مجهول الحال. (٢) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١٣٠٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦٦٠٤) عن أبي قتادة ﵁. (٣) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٤٤٧).
1 / 132