159

Evangelization and Colonialism in the Arab Countries: An Account of Missionary Efforts Aimed at Subjugating the East to Western Colonialism

التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

Daabacaha

المكتبة العصرية-صيدا

Lambarka Daabacaadda

الخامسة

Sanadka Daabacaadda

١٩٧٣

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

الدرجة الأولى إذا استعرضنا الموظفين في العراق رأينا أن غير المسلمين يتمتعون بعدد من المناصب لا يتفق مع نسبتهم في الإحصاء. أما مجال القول فهو أن الإنجليز والفرنسيين قد ملأوا مراكز البلاد الإسلامية التي يستعمرونها - عَمَلِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا - بغير المسلمين. أما الشركات الأجنبية في البلاد الإسلامية، فَقَلَّ أن تأخذ مسلمًا، وإذا أخذته فللمناصب الثانوية فقط. حتى لبنان - ذلك القطر العربي المستقل - فإن أعظم مفاتيح مناصبه في أيدي غير المسلمين - تساهلًا من المسلمين في سبيل حفظ الوحدة الوطنية، ولأن لبنان كما يرى الكثيرون ذو وضع خاص - وجميع منافعه الاقتصادية موجهة إلى غير المسلمين. وليس هنا مجال التوسع في هذه الناحية لأن كتابنا هذا ليس خاصًا بلبنان.
والمستعمر لا يختار موظفي الدولة من المسلمين. إن المسلمين لا يكونوا إلا أقلية في جهاز البلد الخاضع للاستعمار أو لما يشبه الاستعمار، كالانتداب مثلًا. ثم إن المسلمين القليلين في جهاز تلك الدولة لا تلقي إليهم مقاليد المناصب الرئيسية أبدًا. قد لا يصدق أحد إذا قلنا له إن في الدوائر العقارية في حكومة الجزائر ألفين من الموظفين منهم ثمانية فقط من المسلمين (١)، ولعل هؤلاء الثمانية من الحُجَّابِ. ولما استقلت مراكش وانتقلت الإدارة من الفرنسيين إلى الوطنيين كان في وزارة الشؤون الاجتماعية مائتان وخمسون موظفًا منهم أربعة من المسلمين، وكان هؤلاء الأربعة كلهم حُجَّابًا. ولقد رأينا قبل صفحات معدودة أن الموظفين النصارى كانوا في جهاز الإدارة في الهند كثيرين لا تتفق مع عددهم بالنسبة إلى الهنود والمسلمين. وليس هذا شأن الدول المستعمرة وحدها، بل إن الشركات الأجنبية تسير على هذه السياسة نفسها. ويكفي أن يستعرض أحدنا الموظفين في هذه الشركات في لبنان وسورية والعراق ومصر وتونس حتى يدرك كره المستعمرين والشركات الأجنبية للموظفين المسلمين.
ومن المؤكد أن المستعمر لا يريد أن يتفق أبناء الأقليات مع الأكثرية المسلمة في الشرق. إن (لويس ماسينيون) المستشرق الفرنسي والموظف المعروف في وزارة الخارجية الفرنسية بقسم الشؤون الشرقية يقول: «وَالقِبْطُ النَّصَارَى (فِي مِصْرَ) وَقَدْ فَهِمُوا وَاجِبَهُمْ الأَوَّلَ كَنَصَارَى قَوْمِيِّينَ عَرَبٍ، وَعَزَمُوا عَلَى أَلاَّ يَلْعَبُوا لُعْبَةً مُزْدَوَجَةً وَعَلَى أَلاَّ يَتَوَسَّلُوا إِلَى حِماِيَةِ الدُّوَلِ الأَجْنَبِيَّةِ (بِمَيْلٍ دِينِيٍّ ظاهِرٍ) أَخَذُوا يُفَاوِضُونَ فِي هَذِهِ الفِتْرَةِ (الاِنْتِخَابِيَّةِ) حَتَّى الإِخْوَانَ المُسْلِمِينَ ...» (٢).
ومع أن الظاهر هذه الجملة لا ينكشف صراحة عن نية مستعمرة، فإن التهكم والتألم ملموحان فيها بوضوح. وكذلك يستغرب المسيو (ماسينيون) نفسه اتجاه بلاد الشرق الأدنى نحو التوحيد

(١) Jeanson ١٦٧ (قبل الاستقلال طبعًا).
(٢) L'Islam et l'occident ١٦

1 / 161