Engels: Muqaddima Qasira Jedaan
إنجلز: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
من ناحية أخرى، كان لإنجلز اهتمامات أخرى غير الصحافة المهتمة بالنواحي الاجتماعية؛ فأثناء تواجده في برلين خلال الفترة ما بين 1841 و1842 لأداء الخدمة العسكرية في لواء المدفعية، التحق بالجامعة بصفته طالبا غير مقيد. لقد اتخذ إنجلز الناقد الاجتماعي والأدبي، الذي كان يحمل الاسم المستعار «فريدريك أوسفالد»، بعد ذلك علم اللاهوت والفلسفة هدفين جديدين له، وذلك للدفاع عن «الهيجليين الشباب» الليبراليين الناقدين ضد الهجوم المدعوم رسميا الذي يشنه فريدريش فون شيلينج، أستاذ الفلسفة الذي انتقل حديثا من ميونيخ.
سل أي شخص في برلين عن الميدان الذي تدور عليه معركة السيطرة على الرأي العام الألماني فيما يخص السياسة والدين؛ أي بالأحرى من أجل السيطرة على ألمانيا نفسها، وإذا كان لديه أدنى فكرة عن سيادة العقل على العالم، فسوف يجيب بأن ساحة المعركة هي الجامعة، وبصفة خاصة قاعة المحاضرات رقم 6 [التي يحاضر فيها شيلينج] (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
كانت تأملات جورج فيلهلم فريدريش هيجل عن الوعي والوجود والتاريخ والدولة والدين والطبيعة وغيرها من الموضوعات العديدة التي لا يمكن حصرها؛ تجريدية إلى حد كبير. علاوة على ذلك، فقد كانت بعض كتاباته غامضة؛ فالاستنتاجات التي توصل إليها ربما لم تكن هي الاستنتاجات الوحيدة التي يمكن استنتاجها من تحليلاته الفلسفية - أو ربما لم تكن الاستنتاجات الأوفر حظا في إمكانية دعمها. وتعارضت فلسفته عن الدين، المتوافقة مع التأويلات الخاصة بمذهب الواحدية، مع تعليقاته المؤيدة للوثرية واعتناقه المعلن لها. وبالمثل، فإن دفاعه عن دولة بروسيا لم يكن نتيجة واضحة لتفكيره المنطقي في أمور الاقتصاد والسياسة، وكان الهيجليون في ثلاثينيات القرن التاسع عشر يتبنون وجهات نظر متباينة حول تلك الأمور، لكن من غير المفاجئ أنهم كانوا يتبنونها ضمن مجموعتين محددتين؛ فأيد اللوثريون التقليديون تعليقات هيجل المؤيدة لمملكة بروسيا، أما أصحاب الفكر الحر منتقدو الدين عامة والمسيحية خاصة، فقد كانوا يميلون لأن يكونوا ليبراليين من الناحية السياسية مطالبين بحكومة تمثيلية في ألمانيا، إلا أنهم كانوا مضطرين إلى المطالبة بذلك بتحفظ في الفترة السابقة على تحرير الرقابة على الصحافة في عام 1840؛ وكانت وجهة النظر الأخيرة هي التي يتبناها الهيجليون الشباب، الذين انتشروا في برلين وفي الجامعات الأخرى في ألمانيا في أوائل أربعينيات القرن التاسع عشر، ويبدو أن إنجلز قد قرأ لهيجل لأول مرة أثناء إقامته في بريمن.
وعلى الرغم من أن هيجل كان قد توفي قبل ذلك بعشر سنوات، فقد قال عنه إنجلز إنه: «حي أكثر من ذي قبل في تلاميذه.» وعلى الجانب الآخر، فقد نعت شيلينج بأنه: «ميت فكريا منذ ثلاثة عقود.» لقد آمن - بحسب قوله - «هيجل الطيب الساذج بحق العقل في الوجود»، والهيجليون الشباب الراديكاليون اتخذوا هذا شعارا لهم. وكان إنجلز يرى أن وجهة نظر شيلينج تتمثل في أن فلسفته كانت «مجرد ترهات لا توجد إلا في رأسه، ولا يعزى لها الفضل في أي تأثير على العالم الخارجي.» عارض إنجلز/أوسفالد ورفاقه الهيجليون الشباب وجهة النظر تلك، وكانوا واثقين في أنفسهم إلى حد كبير، فقال إنجلز: «لم ينجذب الشباب إلى وجهة نظرنا بهذه الأعداد من قبل، ولم تكن الموهبة «حليفتنا بهذا القدر الرائع مثلما يحدث الآن».» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
وسرعان ما تبع ذلك كتيب لم يوقعه إنجلز باسمه، حمل عنوان: «شيلينج والوحي: نقد لأحدث محاولة للتصدي للفلسفة الحرة»، وفي هذه المساحة الكبرى التي أتيحت لإنجلز، قدم دليلا للإنسان العادي حول حركة الهيجليين الشباب في ألمانيا، وما زال هذا الكتيب قابلا للقراءة، وما زال يعتبر رواية يعتمد عليها، ويعد إلى حد كبير الأكثر إثارة. وكتب إنجلز أن مبادئ فلسفة هيجل كانت «مستقلة وواسعة الأفق تماما»، لكن الاستنتاجات كانت «متحفظة في بعض الأحيان، بل ضيقة الأفق أيضا.» لقد كانت أفكار الفيلسوف الكبير «متأثرة بعصره من ناحية، ومتأثرة بشخصيته من ناحية أخرى»؛ عانت آراؤه السياسية وفلسفته حول الدين والقانون من تناقض داخلي تمثل في مبادئ راديكالية واستنتاجات محافظة خاطئة متعلقة بالمجتمع والمسيحية والسياسة. وعدد إنجلز أعمال الفلاسفة الجدد النقديين - أمثال أرنولد روجه، وديفيد فريدريش شتراوس، ولودفيج فيورباخ، وبرونو باور - والصحف التي نشروا فيها مقالاتهم ومدحهم. «لقد سقطت كل المبادئ الأساسية للمسيحية، بل سقط كل ما كان معروفا حتى تلك اللحظة باسم الدين، أمام نقد العقل المستمر بلا هوادة.» وبالرغم من ذلك، فقد استدعت «الدولة المسيحية الملكية» شيلينج للمشهد مرة أخرى للدفاع عن التقليد في الدين والسياسة، واعتقد إنجلز أن هذا الدفاع لم يكن ذا قيمة ووصفه بأنه: «أول محاولة لدس الإيمان بالعصبية العقائدية والتصوف العاطفي والخيالات الغنوصية في علم التفكير الحر.» وبعد نقد مطول، نصح إنجلز قراءه بأن «يبتعدوا عن مضيعة الوقت تلك»؛ لقد رأى أن هيجل قد «أسس عصرا جديدا للوعي»، وأن كتاب «جوهر المسيحية» للكاتب فيورباخ - الذي كان قد نشر لتوه - كان «تكملة ضرورية لطريقة استخدام الفلسفة التأملية باعتبارها وسيلة لفهم الدين، تلك الطريقة التي أسسها هيجل.» أوضح فيورباخ أن الإنسان في الدين يسقط صفاته الخاصة على رب خيالي، وبسبب ذلك توصل إنجلز إلى الاستنتاج القائل بأن: «كل شيء قد تغير» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
واختتمت حملة إنجلز التي شنها ضد شيلينج بكتيب آخر لم يوقع عليه باسمه، وثمة زعم قائل بأن هذا الكتيب مكتوب من قبل أحد وعاظ حركة التقوية، من أمثال الوعاظ الذين عرفهم إنجلز معرفة جيدة منذ أن كان يعيش في فوبرتال. أثنى هذا الواعظ على شيلينج لمهاجمته الفلسفة وسحبه البساط من تحت قدميها وتغلبه على حجتها القائمة على العقل، وقال إن «المحنكين» - الهيجليين الشباب، بلا شك - «انتقدوا كلمة الرب بهذا العقل الفاسد ... ليجعلوا من أنفسهم ربا مكانه.» وامتدح شيلينج لأنه انتقد «هيجل سيئ السمعة» الذي «اعتز كثيرا بالعقل لدرجة أنه أعلن بوضوح أن العقل هو الرب، عندما رأى أن العقل لا يمكن أن يوصله لرب حقيقي أعلى من الإنسان»، وقال هذا الواعظ إن شيلينج «أعاد الأيام الخوالي الجميلة التي كان فيها العقل يخضع للإيمان.» واستطرد قائلا إنه في برلين يوجد «رجال مثقفون» وفلاسفة وعلماء «وكتاب غير ملتزمين بالمنهج المسيحي يتسمون بضحالة الفكر »، ومنافقون «يتدخلون بصخب شديد في شئون الحكومة بدلا من أن يتركوا شئون الحكم للحاكم»، هؤلاء «الغاوون ... منتشرون في أنحاء ألمانيا، ويريدون أن يتسللوا إلى كل مكان» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني). وتبع ذلك نشوب معركة مرضية للغاية في الصحافة.
شكل 2-3: رسم كاريكاتيري رسمه إنجلز لنفسه، في أغسطس 1840: «أرجوحتي الشبكية تضمني وأنا أدخن السيجار.»
نشرت مقالات إنجلز التالية في صحف المعارضة في كولونيا وفي ليبزيج وفي الخارج في سويسرا، وقد تحول إنجلز من كونه صحفيا ليبراليا ليصبح ليبراليا، وفي ظل عهد الملك فريدريك فيليام الرابع ملك بروسيا كان هذا الأمر كفيلا بجعله ثوريا. وكتب إنجلز فقال: «يتزايد تركيز الرأي العام في بروسيا أكثر وأكثر على مسألتين؛ ألا وهما: الحكومة التمثيلية، وحرية الصحافة على وجه الخصوص»، وهذه مطالب ليبرالية تقليدية (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني). وفيما يتعلق بالمسألة الثانية، فقد اقتبس إنجلز في إحدى مقالاته المادة رقم 151 من قانون العقوبات في بروسيا، التي تمنع «النقد الفج وغير المحترم والسخرية من قوانين الأراضي والمراسيم الحكومية»، وأعلن قائلا: «أنا صادق على نحو كاف بحيث أقول إنني عاقد النية على إثارة السخط والاستياء ضد المادة رقم 151 من قانون العقوبات في بروسيا.» واقترح «الاستمرار في استخدام الأسلوب الحسن النية والمهذب الموضح هنا لإثارة أكثر من مجرد بعض السخط والاستياء ضد كل الأمور الرجعية وغير الليبرالية الموجودة في مؤسسات دولتنا» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني). وفيما يتعلق بالمسألة الأولى - الحكومة التمثيلية - علق إنجلز (مستخدما علامة الحذف على نحو مؤثر) فقال: «الوضع الحالي في بروسيا قريب الشبه بالوضع في فرنسا قبل ... لكني أنأى بنفسي عن أي استنتاجات سابقة لأوانها» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
الفصل الثالث
إنجلز الشيوعي
Bog aan la aqoon