Engels: Muqaddima Qasira Jedaan
إنجلز: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
في «التصور الماركسي للتاريخ» - وفقا لإنجلز - نجد أن تلك «التداخلات» قد اكتشفت «في الحقائق»؛ فالفلسفة، «المستبعدة من الطبيعة والتاريخ»، تركت لنفسها فقط «نطاق الفكر المجرد»، الذي يمثل «نظرية قوانين عملية التفكير نفسها؛ المنطق والجدل» (الأعمال المختارة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
كان تأكيد إنجلز على حتمية الأحداث التاريخية يستند فقط على أن ماركس وصف ببساطة الفترات المتعاقبة بأنها تسير في اتجاه تقدمي. وبالمثل لم يشرح إنجلز كيف يمكن أن يشق العقل طريقه من نطاق المصادفة في التفكير إلى انعكاس التطور الجدلي، وبالفعل لم يتناول قط العلاقة المتداخلة بين السببية والمصادفة، سواء في العالم المادي، أم في الأحداث التاريخية، أم في الإدراك البشري. وفيما يتعلق بالمنطق والفلسفة، ترك لنا إنجلز فقط «القوانين» الجدلية الثلاثة التي وضعها - وهي: تحول الكم إلى كيف ، وصراع المتناقضات، والتطور من خلال التناقض (أو نفي النفي) - بالإضافة إلى وجهة نظره القائلة بأن الفئات ليست لها مرجعيات ثابتة واضحة. وقال إنجلز عن وجهة النظر الأخيرة بأنها «الفكرة الأساسية الكبيرة» وراء «المادية الجدلية»، فكتب:
يجب ألا يفهم العالم على أنه مجموعة من «الأشياء» الجاهزة، بل على أنه مجموعة من «العمليات» تمر فيها الأشياء التي تبدو ثابتة ظاهريا - وكذا صورها الذهنية في عقولنا أو ما نطلق عليه المفاهيم - بتغير دائم من الظهور والاندثار؛ ورغم كافة أشكال المصادفة الظاهرة وكل أشكال التراجع المؤقت في هذا التغير، فإن ثمة تطور تقدمي يتحقق في النهاية (الأعمال المختارة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
وعلى الرغم من أن «قوانين» إنجلز ووجهة نظره الجدلية ككل مفيدة باعتبارها مبادئ للتفسير والتحليل، فإنه لا يمكن اعتبارها أسسا لنظام منطقي.
وبالإضافة إلى توضيح الفرضيات «المادية» لمعرفة الطبيعة والتاريخ، وضع إنجلز أيضا تصورا «ماديا» لأصل الإنسان، وكان ماركس نفسه قد قدم بعض الملاحظات التي تناولت الكيفية المحددة التي يختلف بها الإنسان عن الحيوانات، عندما ناقش في كتابه «رأس المال» مفاهيم العمل والإنتاج الاجتماعي، والتي من بينها:
إننا لا نتعامل الآن مع أشكال العمل البدائية الغريزية التي تذكرنا بالحيوان. وثمة فاصل زمني لا يمكن قياسه، يفصل بين الوضع الذي كان فيه الإنسان يطرح قوة عمله في السوق للبيع باعتبارها سلعة، وبين الوضع الذي كان لا يزال فيه العمل البشري في مرحلته الأولى الغريزية. إننا نتصور العمل في شكل يجعله عملية بشرية حصرية؛ فالعنكبوت تقوم بعمليات تشبه العمليات التي يقوم بها النساج، والنحلة أيضا تتفوق على كثير من المعماريين في تشييد خلاياها. أما ما يميز أسوأ المعمارين عن أفضل النحل، فهو أن المعماري يشيد البنيان في خياله قبل أن يبنيه في الواقع (كتاب رأس المال).
كان نقاش ماركس في العموم تصوريا ومجردا على نحو أكبر مقارنة بتخمينات إنجلز شبه التاريخية، المضمنة في أعمال كذلك الذي لم يكمله «دور العمل في تحول القرد إلى إنسان»، والذي كتبه في عام 1876 لكنه نشر في صورة مقالة عام 1896 بعد وفاة كاتبه بوقت قليل. وفي هذه المقالة تولى إنجلز مهمة تفسير العمل بوصفه «أهم الشروط الأساسية لكل الوجود البشري»؛ فعندما بدأت القردة «التي تسير على أرض مستوية في الاستغناء عن مساعدة اليدين والتكيف شيئا فشيئا مع المشية المنتصبة»، اتخذت «الخطوة الحاسمة في التحول من قردة إلى بشر.» لقد كانت وجهة نظر إنجلز عن التطور متأثرة بمذهب لامارك في التطور، أكثر من تأثرها بنظرية داروين على وجه التحديد، ويتمثل هذا التأثر في اعتقاد إنجلز أن السمات التي يكتسبها الأفراد يمكن أن تورث إلى الأجيال اللاحقة؛ قال في هذا الشأن:
ومن ثم فاليد ليست مجرد عضو للعمل، «لكنها أيضا نتاج العمل». ومن خلال العمل وحده، ومن خلال التكيف مع العمليات الجديدة باستمرار، ومن خلال وراثة التطور الخاص المكتسب بهذه الطريقة الذي حدث في العضلات، والأوتار، والعظام ولكن عبر فترة أطول، ومن خلال التوظيف دائم التجدد لهذه البراعة المكتسبة وراثيا في عمليات جديدة أكثر تعقيدا؛ من خلال كل هذا اكتسبت اليد البشرية قدرا عاليا من الكمال، مكنها من المساهمة في إبداع رسومات رفائيل، وتماثيل تورفالدسن، وموسيقى باجانيني (الأعمال المختارة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
استشهد إنجلز بقانون داروين المفترض المسمى «قانون ترابط النمو» لتفسير أمثلة أخرى من التنوع والانتخاب:
إن الزيادة التدريجية في مهارة اليد البشرية وما صاحبها من تكيف للقدمين مع المشية المنتصبة، كان لهما أثرهما بلا شك، بموجب هذا الترابط، على الأجزاء الأخرى في الكائن الحي. ومع ذلك، فإن هذا الفعل لم يخضع حتى الآن لقدر كبير من الفحص يمكننا من فعل شيء آخر في هذا الصدد أكثر من مجرد ذكر الحقيقة بوجه عام (الأعمال المختارة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
Bog aan la aqoon