كانت البليتان أو الضرران أو المحرَّمان متساويين فهو بالخيار في ارتكاب أيهما شاء.
وأما إن كانا مختلفين وأحدهما أخف مفسدة أو أقل ضررًا أو أهون شرًا من الآخر فيرتكب الأخف ويدفع الأعظم والأشد، لأن ارتكاب المحرم والإقدام على المفاسد لا يجوز إلا لضرورة شديدة، وإذا أمكن دفع الضرورة بالأخف فلا يجوز الإقدام على الأشد، لأنه لا ضرورة في حق الزيادة.
ثالثًا: من أمثلة هذه القواعد: ومسائلها:
إذا صلى قائمًا ينكشف من عورته ما يمنع صحة صلاته، وإذا صلى قاعدًا لا ينكشف منه شيء، فإنه يصلي قاعدًا، لأن ترك القيام أهون وأخف.
ومنها: إذا كان برجل جرح لو سجد سال دمه، يوميء ويصلي قاعدًا، لأن ترك السجود أهون من الصلاة على النجاسة، ولأن ترك السجود - والحالة هذه - يدفع عن الجريح ضرر نزف الدم وزيادة ضرره أو تأخر برئه.
ومنها: إذا خشي من في السفينة غرقها فإنه يرمي منها ما ثقل من المتاع، ويغرم أهل السفينة ما رموا به على قيمة ما معهم من المتاع.
ومما تساوى فيه البليتان: مَن كان في سفينة في البحر فاشتعلت فيها النار فهو بالخيار بين أن يلقي بنفسه في الماء - وإن كان لا يحسن السباحة ويخشى الغرق - أو يبقى في السفينة فيحترق. وفي المسألة خلاف.