121

Encyclopedia of Jews, Judaism and Zionism

موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية

Noocyada

ولا تُوجَد أعضاء تشريحية أو غدد أو أحماض أمينية تشكل الأساس المادي لهذا الجانب الروحي أو الرباني في وجود الإنسان وسلوكه. ولهذا، فهو يشكل ثغرة معرفية كبرى في النسق الطبيعي/المادي، وهو ليس جزءًا لا يتجزأ من الطبيعة وإنما هو جزء يتجزأ منها، يوجد فيها ويعيش عليها ويتصل بها وينفصل عنها. قد يقترب منها ويشاركها بعض السمات، ولكنه لا يُردُّ في كليته إليها بأية حال، فهو دائمًا قادر على تجاوزها، وهو لهذا مركز الكون وسيد المخلوقات. وهو، لهذا كله، غير قابل للرصد من خلال النماذج المُستمَدة من العلوم الطبيعية.
ونحن نرى أن ثنائية الإنسان (الطبيعة المادية للإنسان مقابل سماته الإنسانية) تعبِّر عن نفسها في الصراع أو التكامل بين ما نسميه «النزعة الجنينية» و«النزعة الربانية» . فالنزعة الجنينية هي نزعة للعودة إلى الطبيعة/المادة والبساطة الأولى. أما النزعة الربانية فهي إحساس الإنسان بذاته ككائن مستقل عن الطبيعة، له حدوده الخاصة وهويته ووعيه المستقل، وإحساسه بالمسئولية الخلقية.
ومما تجدر ملاحظته أن الرؤية الواحدية المادية تنظر للإنسان باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الطبيعة، خاضع لحتمياتها، ومن ثم يذهب أصحاب هذه الرؤية إلى أن هناك إنسانية واحدة (تتطور حسب قانون طبيعي واحد ثابت) تُرصَد كما تُرصَد الظواهر الطبيعية، وأن الناس كيان واحد وإنسانية واحدة خاضعة لبرنامج بيولوجي ووراثي واحد عام، يَصدُق على كل البشر في كل زمان ومكان، وأن هذا البرنامج قد لا يكون معروفًا في كليته ولكنه سيُعرف حتمًا في المستقبل (وكأنه لا يوجد فارق بين عالم النمل والنحل والطير وبين عالم الإنسان) .

1 / 121