2
أيها الرجل، اذهب وكف عن الشكوى» (المحادثات، 3-8).
لكي نبلغ اليوديمونيا يتوجب علينا أن ننصف في حكمنا على الأشياء؛ «فليست الأشياء ما يكرب الناس، ولكن أحكامهم على الأشياء» (المختصر، 5). «تذكر أن من شتمك أو ضربك لم يهنك، وإنما الذي أهانك هو حكمك بأن هذه الأشياء إهانة. فاعلم إذن كلما أغضبك أحد أن فكرتك ذاتها هي ما أغضبك؛ لذا حاول جهدك في المقام الأول ألا تجرفك المظاهر؛ فبمجرد أن تمنح نفسك مهلة وتتريث في الأمر سيكون أيسر عليك أن تتمالك نفسك» (المختصر، 20). (6) المواضيع الثلاثة للفلسفة
ثمة مواضيع ثلاثة للبحث
topoi
تتقاسم الأنشطة التي يطبق فيها طالب الفلسفة مبادئه الرواقية. إنها تدريبات عملية إذا نجح في اتباعها بلغت به الحياة اليوديمونية التي هي غاية البشر جميعا وبوسعهم تحقيقها. «الموضوع الأول يتعلق بالرغبة والنفور، ويكفل للإنسان ألا يفشل أبدا في تحقيق رغباته ولا يقع أبدا فيما يكره. والموضوع الثاني يتعلق بالنزوع إلى الفعل أو الإحجام عنه، وبصفة عامة هو السلوك القويم؛ أي الفعل المنظم الحصيف غير الطائش. والموضوع الثالث يتعلق بالتحرر من الوهم والحكم المتسرع، وبعامة هو كل ما يتصل ب «التصديق»
assent » (المحادثات، 3-2).
موضوع الوجدان
يتناول مبحث الوجدان الأشياء التي ينبغي على الإنسان أن يرغب فيها. ويذهب الرواقيون إلى أن الشيء الوحيد الذي ينبغي أن يرغب فيه الكائن العاقل هو الخير الحقيقي؛ أي الفضيلة والفعل المدفوع بالفضيلة. أما «الأشياء الخارجية» التي ليست تحت إمرتنا وليس لنا سلطان عليها، فإن من يرغب فيها إنما يضع أمله في يد الغير ويضع نفسه تحت رحمة الظروف، فيتعرض للإحباط واليأس والقلق والجزع وغيرها من الانفعالات التي تورثه الشقاء والتعاسة. وبدلا من أن نحاول التخلص من هذه الانفعالات بالتهالك للحصول على ما نرغب فيه من الأشياء الخارجية يوصينا إبكتيتوس بالطريق الأقصر؛ وهو قتل الرغبة نفسها في الأشياء الخارجية والاستغناء عن كل ما هو خارج سلطة إرادتنا، بحيث تقتصر رغبتنا على الفضيلة والفعل العقلاني الفاضل، وهو شيء في مقدورنا وطوع إرادتنا. «فلتنصرف عن الأشياء التي ليست في قدرتك، وتعد الخير والشر وقفا على الأشياء التي في قدرتك؛ ذلك أنك إذا رأيت أيا من الأشياء التي ليست في قدرتك خيرا أو شرا فإنك قمين بالضرورة أن تتبرم إذا ما فشلت في الحصول على ما ترغب أو وقعت فيما لا ترغب، وأن تلوم المتسببين في ذلك أو تكرههم» (المختصر، 31).
فإذا ما سعينا إلى «المفضلات»، الصحة والمنصب والمال والولد ... إلخ، فينبغي أن يكون سعينا وئيدا مشروطا بحيث لا نبتئس إذا أخفقنا في نيلها أو إذا فقدناها بعد الحصول عليها. إنما يأتينا القلق من رغبتنا فيما ليس في قدرتنا، أما الحكيم الرواقي الذي يعد الأشياء الخارجية غير فارقة، ولا يرغب إلا فيما هو طوع إرادته، لا يمن عليه أحد بشيء ولا يسلبه أحد شيئا، فمن أين يأتيه القلق؟ (المحادثات، 3-12).
Bog aan la aqoon