ورغم تضارب الآراء فمن المرجح أن إبكتيتوس لم يكتب بنفسه أي شيء مما وصل إلينا من أعماله. وإنما يعود الفضل في ذلك إلى تلميذه أريانوس الذي كان من قواد الجيش الروماني وحاكما على «كبدوكية» ومؤرخا شهيرا، وهو مؤلف لكتاب كبير عن «تاريخ الإسكندر». كان أريانوس يدون لنفسه أقوال أستاذه حرفيا بقدر ما تسعفه مهارته في الاختزال. فكتب كتابا أسماه «محادثات إبكتيتوس»
Discourses (Entretiens)
يرجح أنه كان يتألف من ثمانية أبواب بقيت لنا منها أربعة. ونشر كتابا أسماه
Manual (Enchiridion)
أي «الكتيب» أو «الموجز» أو «المختصر» أو «المحصل» أو «الدليل المرشد». وهو عبارة عن قطوف من «المحادثات» دبجها أريان في صياغة محكمة مختصرة تسعف القارئ المشغول، ولكنه لا يغني الباحث عن قراءة «المحادثات». (2) مقدمة أريان ل «المحادثات»
إلى لوشيوس جاليوس، مع تمنياتي له بالسعادة
وبعد، فأنا لم أكتب «محادثات إبكتيتوس» هذه بالطريقة التي يفترض أن يكتب بها المرء مثل هذه الأشياء، ولا أنا عمدت بنفسي إلى نشرها. بل إنني لأصرح بأني لم أكتبها فضلا عن أن أقوم بشرها. إنما وجه الأمر أنني حاولت أن أدون كل ما سمعته يقول حرفيا جهد ما أستطيع، بغية أن أحتفظ بها لنفسي فيما بعد كمذكرات لأفكار إبكتيتوس وشجون حديثه؛ ومن ثم فإن «المحادثات» بطبيعتها أشبه بما عسى أن يفضي به إنسان لآخر عفو الخاطر، لا بما يكتبه بقصد أن يقرأه آخرون. وإذ كان الأمر كذلك فلست أعرف كيف وقعت «المحادثات» في أيدي الناس بدون موافقتي أو علمي. غير أنني لا يهمني في شيء أن أرى، بعد، غير متضلع في الكتابة، ولا يهم إبكتيتوس على الإطلاق أن يستخف أي شخص بأقواله؛ ذلك أنه عندما كان يفوه بهذه الكلمات فقد كان من البين أنه لم يكن يبتغي إلا أن يحث عقول مستمعيه إلى خير الأشياء. فإذا ما آتت هذه «المحادثات» حقا هذه النتيجة ستكون، في اعتقادي، قد حققت ما ينبغي أن تحققه أقوال الفلاسفة، وإلا فليعلم من يقرءونها أن إبكتيتوس عندما كان يلقيها لم يكن مستمعه يملك إلى أن يتجاوب معها ويهتدي بما أراد إبكتيتوس أن يهدي به. أما إذا لم تؤت «المحادثات» نفسها، كما هي مكتوبة، هذا الأثر فلعل الخطأ خطئي، أو لعل هذا الشيء مما لا سبيل إلى اجتنابه.
والسلام (3) درب الحكمة
غاية الفلسفة عند إبكتيتوس هي غاية عملية أخلاقية: أن ترشد الناس إلى طريق الحياة الصالحة، الطريق الذي يؤدي إلى «اليوديمونيا»
Eudaimonia
Bog aan la aqoon