هو معتق الإمبراطور نيرون وسكرتيره.
أخذ إبافروديت عبده إبكتيتوس ليعيش في «البيت الأبيض لنيرون» في وقت كان فيه الإمبراطور شديد الإهمال للإمبراطورية وكثير الترحال إلى اليونان لممارسة هواياته في التمثيل والموسيقى وقيادة العربات. وفي الوقت الذي قضاه في روما كان مشغولا بقتل أخيه (غير الشقيق)، وقتل زوجته، وأمه، وزوجته الثانية. وانتهى به الحال إلى الانتحار، وكان إبافروديت هو الذي أعانه على الموت فوجأ عنقه حين تعثر في قتل نفسه بينما كان الجنود يقتحمون بابه ليعتقلوه.
لعل هذا الحدث قد أزاح إبافروديت إلى الظل وأتاح لإبكتيتوس فيما بعد حرية التنقل في روما، فانجذب إلى المحاضرات العامة للمعلمين الرواقيين الذين كانوا فلاسفة روما في تلك الأيام. وأخيرا تتلمذ على يد أفضل معلمي الإمبراطورية على الإطلاق وهو ميزونيوس روفوس
Musonius Rufus . وبعد عشر سنوات أو تزيد من الدراسة اكتسب إبكتيتوس نفسه صفة فيلسوف، وتزامن ذلك مع انعتاقه من الرق ونيله حريته. فشرع في إلقاء دروسه كمعلم رواقي حتى عام 91م عندما أمر الإمبراطور دوميتيان
Domitian
بطرد الفلاسفة من روما وإيطاليا كلها؛ لأنهم كانوا ينتقدون الإمبراطور ويمثلون قوة ضغط تقف في وجه العرش الإمبراطوري. فرحل إبكتيتوس إلى نيقوبوليس
Nicopolis
وهي مدينة أسسها أغسطس احتفالا بنصره في إكتيوم، تقع في الشمال الغربي لبلاد اليونان (ألبانيا الحالية). وأسس مدرسة فلسفية اجتذبت إليها نفس الصنف من المستمعين الذي اجتذبه سقراط من قبل ذلك بخمسة قرون: الشبيبة الأرستقراطية التي كانت تعد لتقلد المناصب العليا في مختلف المجالات. كان الشباب الأرستقراطي الروماني يفد إليه أفواجا ليصغي إلى دروس العبد الفيلسوف الذي طار صيته وعلا شأنه على كره منه، حتى قيل: إنه لقي رواجا لم يلقه أفلاطون في زمنه. فكانت خيرة العائلات وصفوة القوم يرسلون إليه أفضل أبنائهم في أواسط العشرينيات من عمرهم لكي يعلمهم العلم ويصرفهم عن حياة الترف والدعة، ويبصرهم بكنه الحياة الصالحة، ويعدهم لمهامهم الصعبة في خدمة مواطنيهم.
كان إبكتيتوس مضرب الأمثال في التجلد والصبر على البلايا. يروى أنه عندما كان عبدا لإبافروديت أراد سيده أن يلهو فلوى ساقه بآلة للتعذيب. فقال له إبكتيتوس: «إنك ستكسر رجلي.» ولكن الرجل تمادى في ليها وإبكتيتوس لا يبدي جزعا حتى كسرت ساقه، فلم يزد على أن قال: «ألم أقل لك إنك ستكسر ساقي؟» (المحادثات، 1-12).
ظل إبكتيتوس يلقي دروسه بينما هو يعيش عيشة التقشف والبساطة، في منزل ليس فيه سوى حصير وحشية من القش ومصباح من الطين استعاض به عن المصباح الحديدي الذي سرق منه. وكان يعيش وحيدا أعزب إلى أن تبنى طفلا كان بعض أصدقائه يهمون بنبذه في العراء، فأراد أن يعوله واستخدم امرأة فقيرة لتربيه، وقد امتد به الأجل حتى طعن في السن وأدرك عصر الإمبراطور هادريان الذي حكم حتى عام 138م، ويروى أن أحد المعجبين به اشترى مصباحه الطيني بعد وفاته بثلاثة آلاف دراخما.
Bog aan la aqoon