Educational Milestones for Aspiring High Religious Authorities
معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية
Noocyada
العلم أشرف ما اجتمعت عليه القلوب، ولذلك ينبغي على طالب العلم ألا ينشغل بشيء في مجلس العلم. وإني أعرف من طلاب العلم ممن صحبناهم، وبعضهم قد مات وتوفي –رحمة الله عليهم- كان من كبار السن، وجدنا فيهم من الإقبال على العلم العجبَ العُجاب.. كنا في مسجد النبي ﷺ نجلس بين يدي الوالد ونقرأ الحديث، فربما وقع شيءٌ في المسجد، فتلفتت الأنظار هنا وهناك، وهم وجوههم لا تنصرف عمن يتعلمون منه، ولا يمكن أن تجد الواحد يلتفت يمنة أو يسرة.. إنما مقبلًا على الشيخ، أو مطأطئًا رأسه في كتابه أو صحيفته.. وهذا من أبلغ ما يكون من الكمال في طلب العلم.
المَعْلَمْ الرابع: التأدب معهم في الخطاب والسؤال:
كما أدّب الله الصحابة وهم جلوس في مجلس النبي ﷺ بقوله تعالى: «لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا» [النور:٦٣]، أدبهم وهم يسألونه: «لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» [المائدة:١٠١]، وأدبهم وهم يصيحون وهو غائب عنهم، يستعجلون خروجه: «إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ» [الحجرات:٤]، حكم عليهم أنهم ما عندهم عقل يردعهم، فمن حُرِم الأدب مع أهل العلم، ومع ميراث النبوة، فهو من الذين لا يعقلون؛ لأنه لو كان عنده عقل لعقله عن هذه الأخلاق الرديئة.
وإكرام أهل العلم في الخطاب لا يتأتى بألفاظ العوام والرعاع، التي يُستحى من ذكرها، البعيدة عن الحياء وكمال المروءة، بل نتعاطى الألفاظ التي تدل على معالي الأمور ويحبّها الله ويرضاها، وكان النبي ﷺ يسأله الصحابة وتسأله الصحابيات عن الأمور الدقيقة، فتعجب من حُسن الأدب في السؤال، وكذلك كمال الأدب من رسول الله ﷺ في الجواب.
1 / 29