فهذا الموقف من أصدق المواقف التي تبين عمق العلاقة بين علي وعَائِشَة ﵄، ولو كانت عَائِشَة ﵂ تحمل شيئًا في نفسها، لما قالت تلك المقالة، وأيضًا لو كان علي ﵁ يحمل على عَائِشَة ﵂ شيئًا لما أقرَّها على قولها، ولا قال هذه الكلمات التي تكتب بماء الذهب، ولا وقف معها هذا الموقف الرائع.
والأعجب من ذلك أن عليًا ﵁ كان يعاقب من يتكلم بكلام فيه نيل من أُمِّ المؤمنين عَائِشَة ﵂ بالجلد والضرب، فقد ذكر ابن الأثير ﵀: "أن رجلين وقفا على باب الدار الذي نزلت فيه أُمّ المؤمنين بالبصرة فقال أحدهما: جزيت عنا أمنا عقوقًا، وقال الآخر: يا أمنا توبي فقد أخطأت - فبلغ ذلك عليًا - فبعث القعقاع بن عمرو إلى الباب فأقبل بمن كان عليه، فأحالوا على رجلين من أزد الكوفة وهما عجلان وسعد ابنا عبد الله فضربهما مائة سوط وأخرجهما من ثيابهما" (١).
ويدل أيضًا على العلاقة الحسنة بين علي وعَائِشَة ﵂، ما روي عنها أنَّها كانت طلبتْ من الناس بعد مَقْتل عثمان أنْ يلزموا عليًّا ويبايعوه (٢)، وقد اعترف بعضُ الشيعة بهذا الأمر (٣).
يقول عمر بن شَبَّه (٤) ﵀: "أَنَّ أحدًا لم ينقل أن عَائِشَة ومن معها نازعوا