وَلَمْ تَنْسَ غَدَكَ؛ فَفَازَ عِنْدَ الْمُسَاهَمَةِ قَدْحُكَ، وَخَفَّ مِمَّا اسْتَوْزَرُوا ظَهْرَكَ، حتى قررت الرؤوس عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنْتَ الدِّمَاءَ فِي أَهُبِّهَا - يَعْنِي: فِي الأَجْسَادِ -؛ فَنَضَّرَ اللهُ وَجْهَكَ يَا أَبَتِ! فَلَقَدْ كُنْتَ لِلدُّنْيَا مُذِلًا بِإِدْبَارِكَ عَنْهَا، وَلِلآخِرَةِ مُعِزًّا بِإِقْبَالِكَ عَلَيْهَا، وَلَكَأَنَّ أَجَلَّ الرَّزَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ رِزْؤُكَ، وَأَكْبَرُ الْمَصَائِبِ فَقْدُكَ؛ فَعَلَيْكَ سَلامُ اللهِ وَرَحْمَتُهُ، غَيْرَ قَالِيَةٍ لِحَيَاتِكَ، وَلا زَارِيَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ فِيكَ"» (١).
وروى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس قال: «سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵃ وَالْخُلَفَاءِ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ أَفْخَمَ وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَة ﵂» (٢).
وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد (٣)، عن أبيه (٤)، قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَرْوَى