وكذلك التابعين كانوا يجلون عَائِشَة ﵂، فكان مسروق إذا حدث عنها قال: "حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله المبرأة من فوق سبع سماوات" (١).
وأكبر دليل على حب المؤمنين لعَائِشَة ﵂ سلفًا وخلفًا، ما ألَّفَه العلماء في شأنها، فقلَّما تركوا شيئًا يتعلق بها إلاّ أفردوا فيه مصنفًا، فذكروا مناقبها ونشروا فضائلها، وردوا على أباطيل من طعن فيها، نثرًا وشعرًا.
وهذه قصيدة بلسانها نظمها أبو عمران موسى بن محمد بن عبد الله الواعظ الأندلسي (٢) ﵀ فقال:
ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي ... هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّنًا عَنْ فَضْلِها ... ومُتَرْجِمًا عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ ... فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ ... بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها ... فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي ... فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي