البشري، فلا إزراء في ذلك عليها ولا على عليّ ﵄ ... " (١).
فربّما وجدتْ عائشة ﵂ في نفسها شيئًا عن علي ﵁ في أمرٍ من الأمور، كطبيعة البَّشر، وتوافق مع ذلك الموقف، ولكن من المحال أن يكون حقدًا مستمرًا، وعداءً لا يزول، بل ذلك من أبعد الأشياء عن عائشة ﵂، فإنها لم تحمل على الذين خاضوا في الإفك، مع أن ذلك كان من أشدِّ المصائب عليها، فكان نصيب الخائضين من عَائِشَة ﵂ العفو والصفح، حتى إنّها كانت تُنافح عنهم إذا ذكرهم أحدٌ أمامها بسوء.
فهذا حسّان بن ثابت ﵁ كان من الخائضين في الإفك، وكان ممّن أكثر في رمي عَائِشَة ﵂، ومع ذلك لم تحقد عليه الصدّيقة ﵂، بل كانت تنهى عن سبِّه أو الإساءة إليه، ففي الصحيحين أنّها قالت لعروة بن الزبير لمّا أخذ يسبهّ: «لاَ تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ» (٢)، وقالت لمسروق نحوًا من هذا الكلام.
أفُيعقل أن تُقّدر مواقف حسّان مع النَّبِيّ ﷺ، فتغُضي عن إساءته البالغة إليها، ولا تُقِّدر مواقف أمير المؤمنين علي ﵁ مع النَّبِيّ، وبلاءه الحسن معه، وجهاده في سبيل إعلاء كلمة الله ﷿؟!.
إنّ من درس أخلاقها ﵂، واطّلع على مناقبها، يعلم مدى عفوها وصفحها عن كثير من الهنات التي صدرت عن أشخاص أبلوا مع رسول الله ﷺ