Taariikhda Dowalada Faarisiga ee Ciraaq
تاريخ الدول الفارسية في العراق
Noocyada
2
فأراد العرب الذي فروا إلى «الروم» أن ينتقموا منه، فاتفقوا مع الروم في عهد الملك قسطنطين الأكبر وزحفوا معهم على الجزيرة، فاتسع الخرق على الفرس وجرت بين سابور وبين الروم عدة وقائع، انهزم في آخرها الفرس، فطاردهم الروم والعرب حتى استولوا على «أكتسيفون» وغنموا ما فيها، فاضطر الملك الفارسي إلى تأليف جيش جديد فتمكن من استرداد «أكتسيفون»، وظل يقاتل المهاجمين حتى أخرجهم من «العراق» وطاردهم فحالفه النصر حتى اضطر الروم إلى مصالحته وإرجاع مدينة «نصيبين» له، ولما تولى عرش الروم يوليانوس حمل على الفرس سنة 363م، وعبر نهر دجلة وتوغل في البلاد حتى اقترب من «أكتسيفون» فلقيته جيوش شابور، وبعد معارك هائلة انكسرت الجيوش الرومانية وقتل ملكها.
ولم يكن اضطهاد شابور قاصرا على عرب البادية، بل شمل سكان المدن منهم، وهم النصارى الذين كانوا منتشرين في المدن العراقية، فإنه قتل كثيرا منهم، وأصدر أمرا بمضاعفة الجزية السنوية التي عليهم، وذلك سنة 339م، وأردفه بأمر آخر بعد سنة قضى بهدم الكنائس ثم قتل جماعة من الأساقفة، والذي حمله على ذلك انتشار الدين المسيحي في عهده في «العراق» انتشارا هائلا بين الحضر والبدو من العرب، وتحزب النصارى وتحسبهم لقياصرة الروم الذين من مذهبهم، لا سيما في عهد القيصر قسطنطين الكبير؛ ولذلك بلغ الاضطهاد أشده في أيامه، وهو أول من اضطهد النصارى من الملوك الساسانيين، وهو الذي بنى مدينة «آلوس» الواقعة في جزيرة صغيرة في وسط «الفرات» شرقي «حديثة»، وجعلها مسلحة تحفظ ما قرب من البادية، وهو الذي حفر خندقا في «برية الكوفة»، أي من «هيت» إلى «كاظمة» مما يلي موقع «البصرة» يشق طف البادية،
3
وينفذ إلى البحر، وجعل عليه القلاع والحصون ونظمه بالمسالح؛ ليكون ذلك مانعا لأهل البادية من السواد، أي ليمنع هجمات العرب،
4
وهو جدد بناء مدينة «الأنبار» التي كانت على «الفرات» في غربي موقع «بغداد» بينهما عشرة فراسخ، وهو الذي قرض دولة الضجاعمة العربية التضاعية، واستولى على مدينتها الحضر التي يسميها اليونان «أترا»، ويسميها بعضهم «حطار» الواقعة في الجزيرة في الجنوب الشرقي من «سنجار»، وهو الذي بنى القصر المشهور في مدينة «أكتسيفون»، وجعله دار الملك، وأنفق على بنائه أموالا طائلة.
5
وتولى بعده أخوه أردشير الثاني سنة 379م، ثم خلع سنة 383م وأجلس مكانه شابور الثالث، ثم بهرام الرابع سنة 388م، وفي أيامه أغار الهونيون على «أرمينيا» سنة 396م، ثم على ما بين النهرين وسورية، واستولوا على بلاد كثيرة، ثم حملوا على العراق حتى اقتربوا من «أكتسيفون»، فحمل عليهم بهرام هذا، وبعد عدة معارك انخذل الهونيون وتمزق جمعهم واسترد منهم بهرام السبايا الذين سبوهم من بلاد الروم، وكانوا نحو الثمانية عشر ألف نسمة، فأعاد بعضهم إلى بلادهم وأسكن بعضهم «العراق»، وذلك سنة 399م.
ثم تولى يزد جرد الأول الملقب بالأثيم سنة 399م، وكان يحب العرب ويكرمهم، وكان لملك «الحيرة» النعمان الأول عنده منزلة رفيعة، حتى إنه لما مرض ابنه بهرام أعطاه وهو طفل للنعمان ليربيه في الحيرة لطيب هوائها وعذوبة مائها، فرباه النعمان أحسن تربية وعلمه الكتابة والحكمة والرمي والفروسية وكل ما يلزم للملوك، وبنى له قصرا فخما وبقي عنده حتى مات أبوه. وفي عهده اضطهد الفرس النصارى، فاتخذ الروم ذلك الاضطهاد ذريعة للحرب، فتظاهروا بنصرة أبناء مذهبهم وأشهروا الحرب على الفرس، وبعد عدة وقائع اتفق الفريقان على الصلح، وأرسل ملك الروم أركاديوس وفدا إلى «العراق»، فنزل الوفد في البلاط الملوكي ب «أكتسيفون» فتم الصلح على شروط رضياها، من جملتها : رفع الاضطهاد عن النصارى الذين في المملكة الفارسية، وعقد يزد جرد معاهدة صلح لمائة سنة، وأزال الاضطهاد عن النصارى، وأذن لهم بتجديد الكنائس التي خربت في الاضطهادات، وأطلق لهم الحرية التامة.
Bog aan la aqoon