Wadooyinka Ka Dib Casriga
دروب ما بعد الحداثة
Noocyada
وعليه، فإن بارت يهدم البنية، لدى تحليله لقصة «ساراسين»
Sarrasine ،
55
ويحولها إلى خليط غير متشكل من الوحدات النصية المصغرة.
لكن هل يمكن بالفعل فصل العمل الأدبي، والفني على وجه العموم، عن المحيط الاجتماعي والثقافي السائد في المجتمع والتعامل معه على مستوى الألفاظ والدلالات اللغوية فقط؟ وما قيمة البناء اللغوي إذا كان لا يحيل إلا إلى ذاته؟ يبدو أن هذا ما لم يكن بارت يقصده. فقد كان هدف بارت الرئيس ألا يتم التعامل مع النص الأدبي بفروض مسبقة عن الكاتب والمؤلف وعدم اتخاذ مواقف نفسية من المؤلف قبل الدخول إلى عالمه. إن الفرضية المسبقة تعني أن القارئ لديه فكرة ما يحاول إثباتها والتحقق منها من خلال تعامله مع النص الأدبي، هي أشبه بالنتيجة التي يحاول أن يستقي مقدماتها من داخل العمل، وهذا يفضي في النهاية إلى قراءة أحادية للنص تزعم امتلاك حقيقته واكتشاف غاياته، وهذا الفهم نابع من تصور مؤداه أن ثمة حقيقة كامنة وراء النص، وتلك الحقيقة مرتبطة، في الأغلب، بحياة المؤلف أو الإطار الثقافي الذي أبدع فيه مؤلفه. هذا الفهم للنص الأدبي وطريقة التعامل معه هو ما جاء بارت ليناهضه من خلال مقولته عن موت المؤلف. فالنص بنية مستقلة بذاته، ودلالته ليست مسبقة بل هي لاحقة، وبالتالي فهو لا يشير إلى الماضي بل إلى المستقبل. وبمجرد أن ينتج النص فإنه يترك مداره الخاص وسياقه المرتبط بنشأته، حتى يدخل في مدار آخر وسياق مختلف تماما. هذا السياق الجديد هو سياق النصوص الأخرى السابقة عليه والمتزامنة معه، وهذا السياق هو الذي لا بد أن يتعامل معه القارئ دون أن يحاول نزعه منه. ولا يعني ذلك أن الوقوف عند حدود الألفاظ والدوال هو المبتغى النهائي للقارئ؛ إذ إن أطروحة بارت تقطع الطريق أمام الفروض المسبقة التي يدخل بها القارئ على النص لكنها لا تلغي الدلالات المختلفة للعمل الأدبي؛ فالنص قد يكشف عن أبعاد مختلفة مرتبطة بالواقع والمجتمع، لكن هذه الأبعاد لا بد من بنائها واكتشافها داخل النص وليس بصورة مسبقة أو على شكل افتراضات سابقة يسعى القارئ لإثباتها عبر قراءته.
إحدى النتائج المهمة المترتبة على هذا الأمر أن العمل الأدبي سيتحول إلى عمل مفتوح على قراءات لا نهائية وغير محدودة؛ إذ ليس ثمة حقيقة ثابتة ومسبقة يحيل إليها العمل، وبالتالي يفقد العمل دلالته ومستوياته التأويلية، بل إن العمل وقد تحرر من مداره الخاص وظروف نشأته لينتقل إلى مدار آخر هو مدار الافتراضي والممكن والمتخيل، وبالتالي ساحة للتأويلات والقراءات اللامحدودة. (1-7) التناص والعود الأبدي للنصوص
هل العمل الفني نتاج عبقرية الفنان وملكته الخلاقة؟ كما كان لأطروحة موت المؤلف صداها الواسع على مفهوم التلقي الجمالي كان لها بالمثل صداها على مفهوم الإبداع. وعلى الرغم من أن بارت لم يكن يعنيه مقاربة هذه القضية بطريقة مباشرة، إلا أن شبكة الاصطلاحات التي صاغها يمكن أن تقدم لنا تفسيرا لآلية إنتاج العمل الفني وفقا لتصوره.
إن تعددية معاني النص وحيويتها تفترض فهما خاصا للعملية الإبداعية. ووفقا لرأي بارت، فإن من الخطأ أن نظن أن الكاتب ينطلق من أية أفكار فلسفية أو أخلاقية أو سياسية أو اجتماعية، يسعى من خلال وسائل الفن أن يجسدها في نتاجه. فإذا تنازعت الكاتب أية أفكار تمهيدية أولية، سيغدو العمل ذا بعد واحد فقط. ولما كان بارت يعتبر العمل الفني متعدد المعاني، فإنه مضطر، انطلاقا من منطقه الخاص هذا، أن يسلم بأن الكاتب يبدع بصورة متحررة وبدون قصد تمهيدي. وهذا ما كان يعنيه بارت بانتفاء قصدية المؤلف؛ فالمؤلف، كما القارئ، لا يمتلك افتراضات مسبقة قبل الشروع في عمله. تتكون العملية الإبداعية - حسب بارت - من فعلين أساسيين: تفريد العالم إلى جزئيات
Dàcoupage ،
Agencement
Bog aan la aqoon