141

Wadooyinka Ka Dib Casriga

دروب ما بعد الحداثة

Noocyada

47

أحد أهم الأفكار التي قدمها بارت تأكيده على أن النص الأدبي، من حيث كينونته، متعدد المعاني، بمعنى أنه يخضع لشتى التأويلات المتباينة. ويفسر بارت ذلك بأن المعنى الخاص للنص يكون فارغا «المعنى الثانوي للأدب غير ثابت، فارغ، بغض النظر عن أن النص يعمل كدال لهذا المعنى الفارغ.»

48

وهذا هو المقصود بالدرجة صفر؛ أي درجة اللامعنى، درجة كل الاحتمالات الممكنة. فالدوال متحررة من كل ما يقيدها؛ ولذا فهي لا تعني شيئا، ومن الممكن أن تعني كل شيء.

لا يهدف علم الأدب إلى «تعليمنا ما هو المعنى الذي ينبغي أن نطرحه في العمل، لا يتعين على علم الأدب أن يطرح أو يكشف أي معنى كان، وإنما مهمته وصف المنطق الذي ولد الدلالة.»

49

المهمة الأولى يعمل عليها النقد الأدبي، وهو ليس علما وإنما ممارسة عملية، لكن النقد الأدبي يظل دائما وحيد الجانب؛ لأنه ينتقي من بين عدد كبير من الدلالات الممكنة معنى واحدا. عندما يكون معنى أي نتاج «فارغا» دائما، فمن الجلي أن القارئ يمنح تفسيره للعمل، مستخدما في ذلك منظومة محددة من المفاهيم التي تشكل في كليتها شفرة ما، على سبيل المثال، يمكننا أن نفسر هذا النص حسب المشروع الثقافي/التاريخي؛ أي نضعه في عداد مؤلفات العهود السابقة؛ في هذه الحالة فإننا نستخدم إحدى الشفرات «الثقافية» الممكنة. لكن، يمكننا أن نقارب هذا النص بشكل آخر، كأن نستخدم شفرة التحليل النفسي، ويمكننا استخدام شفرات أخرى كثيرة، وعندئذ نحصل على تفسيرات متباينة عديدة. لكن، ما هو التفسير الأكثر صحة ودقة؟ وفقا لبارت فإن مثل التساؤل بلا معنى؛ ذلك لأن النص المتعدد الدلالات، طبقا لتعريفه، يمكن أن يتقبل جميع هذه التفسيرات جيدا وبالتساوي «فأنا لست ذاتا بريئة تتواجد قبل النص وتتعامل معه كشيء يمكن تنقيته، أو كحيز شاغر ينبغي ملؤه. أنا الذي ألج النص الذي يشكل عددا من النصوص الأخرى ذات الشفرات التي لا تنتهي ... النص الذي تضيع بدايته ...»

50

تعددية المعاني لا تشكل - حسب رأي بارت - الجوهر الأساسي للأدب فحسب، وإنما هي المعيار الوحيد للقيمة الجمالية للعمل. فالأدب العظيم هو ذلك الذي يصارع وبدون هوادة إغواء المعنى الواحد. ومن ناحية أخرى فإن انفتاح العمل يعني أن القراءة ستتحول إلى عمل إبداعي، ليصبح القارئ مبدعا مشاركا في النص؛ بمعنى أنه يشارك في إنجاز ما تركه الكاتب «مفتوحا». وهذه المشاركة تحقق ما يمكن أن نطلق عليه «اللذة الجمالية». فتعدد المعاني يهب اللذة للقارئ، والعكس أيضا، فإن تأطير النص ليس سوى تقييد لتلك اللذة «فلذة القارئ تبدأ عندما يكون منتجا؛ أي عندما يسمح له النص أن يقوم بتشكيل قدراته الخاصة.»

51

Bog aan la aqoon