وَكَذَلِكَ على المقطع من صفحة الْكتاب لَفْظَة فقرة (بِفَتْح الْقَاف) فيوهمون، لِأَن الْفَقْرَة جمع فَقير نَحْو: بررة، وعجزة، وَعَبدَة، وَالصَّوَاب أَن يُقَال فقرة (بتسكين الْقَاف) أَو فقرة (بخفض الْفَاء وتسكين الْقَاف) وَالْجمع فقر وفقار، وَمِنْه قَوْلهم: لَا فَتى إِلَّا عَليّ، لَا سيف إِلَّا ذُو الفقار.
بَاب السِّين
[١٠] س وف:
وَمن أقبح أَوْهَام جمهرة من كتاب الْعَصْر قَوْلهم: سَوف لن أفعل ذَلِك، وسوف لَا أفعل ذَلِك، فيفصلون بَين سَوف وَالْفِعْل ب لَا وَلنْ وسواهما، وَهَذَا مَالا تجيزه اللُّغَة.
ذَلِك أَن السِّين وسوف حرفان يختصان بالمضارع ويمحضانه للاستقبال، وَلَا يجوز أَن يفصل بَينهمَا وَبَين الْفِعْل فاصل.
فَإِذا أردْت الْحَال قلت: أَنا أسافر.
وَإِذا أردْت الِاسْتِقْبَال قلت: أَنا سأسافر، أَو سَوف أسافر.
وَإِذا أردْت النَّفْي قلت: لن أسافر غَدا.
وَرب معترض على هَذِه الْقَاعِدَة بقوله تَعَالَى: ﴿ولسوف يعطيك رَبك فترضى﴾ .
ونجيب هَذَا الْمُعْتَرض بالْقَوْل: إِن لَام التوكيد دخلت على الْفِعْل لَا على الْحَرْف، لِأَن الْعَرَب اشْتقت من سَوف فعلا فَقَالَت: سوفت الرجل تسويفا، أَي ماطلته وصبرته.
وَمِنْه مَا ورد فِي الحَدِيث أَن النَّبِي ﷺ لعن المسوفة من النِّسَاء، وَهِي الَّتِي لَا تجيب زَوجهَا إِذا دَعَاهَا إِلَى فرَاشه.
وَنَظِيره مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ لِابْنِ مقبل:
(لَو سوفتنا بسوف من تجنبها ... سَوف العيوف، لراح الركب قد قنعوا)
[١١] س ي ح: