152

Durrat al-Ghawwas Fi Awham al-Khawas

درة الغواص في أوهام الخواص

Baare

عرفات مطرجي

Daabacaha

مؤسسة الكتب الثقافية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨/١٩٩٨هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

قَالَ الْأَصْمَعِي: وَقد أصَاب أَبُو عَمْرو لِأَن معنى تحش توقد، وَقد أصَاب شُعْبَة أَيْضا وَلم أر بالشعر أعلم مِنْهُ.
وَحكى خلف الْأَحْمَر: قَالَ: أخذت عَليّ الْمفضل الضَّبِّيّ وَقد أنْشد لامرئ الْقَيْس:
(نمس بأعراف الْجِيَاد اكْفِنَا ... إِذا نَحن قمنا عَن شواء مضهب)
فَقلت: لَهُ إِنَّمَا هُوَ نمش لِأَن المش مسح الْيَد بالشَّيْء الخشن، وَبِه سمى منديل الْغمر مشوشا، وَأما قَول الشَّاعِر:
(أعلمهُ الرماية كل يَوْم ... فَلَمَّا اشْتَدَّ ساعده رماني)
فَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة فِيهِ استد بِالسِّين المبهمة، وَيكون المُرَاد بِهِ السداد فِي الرَّمْي، وَقد رَوَاهُ بَعضهم بالشين الْمُعْجَمَة الَّتِي هِيَ بِمَعْنى الْقُوَّة:
وَمثله فِي اخْتِلَاف الرِّوَايَة قَول عُرْوَة بن أذينة:
(لقد علمت وَمَا الْإِسْرَاف من خلقي ... إِن الَّذِي هُوَ رِزْقِي سَوف يأتيني)
فروى أَكْثَرهم لَفْظَة الْإِسْرَاف بِالسِّين المغفلة، وَرَوَاهُ بَعضهم بالشين الْمُعْجَمَة، ليَكُون مَعْنَاهَا التطلع إِلَى الشَّيْء والاستشراف لَهُ، وَهُوَ اخْتِيَار المرتضى أبي الْقَاسِم الموسوي ﵀.
وَلِهَذَا الْبَيْت حِكَايَة تحث على استشعار الْيَقِين، وإعلاق الأمل بالخالق دون المخلوقين فجنحته بهَا تحلية لعاطله، ومنبهة على صدق قَائِله، وَهِي مَا رويته من عدَّة طرق أَن عُرْوَة هَذَا وَفد على هِشَام بن عبد الْملك فِي جمَاعَة من الشُّعَرَاء فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ عرف عُرْوَة فَقَالَ لَهُ: أَلَسْت الْقَائِل:
(لقد علمت وَمَا الْإِسْرَاف من خلقي ... إِن الَّذِي هُوَ رِزْقِي سَوف يأتيني)
(أسعى لَهُ فيعنيني تطلبه ... وَلَو أَقمت أَتَانِي لَا يعنيني)
وأراك قد جبت تضرب من الْحجاز إِلَى الشأم فِي طلب الرزق: فَقَالَ لَهُ: لقد وعظت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فبالغت فِي الْوَعْظ، واذكرت مَا انسانيه الدَّهْر.
وَخرج من فوره

1 / 160