158

القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) قد وقع على الأرض مغشيا عليه، فوقفت على رأسه، فنظر إلي وقال: ما صنع الناس يا علي؟

فقلت: كفروا يا رسول الله وولوا الدبر من العدو وأسلموك.

فنظر النبي (عليه السلام) الى كتيبة أقبلت إليه، فقال لي: رد عني يا علي هذه الكتيبة.

فحملت عليها بسيفي أضربها يمينا وشمالا حتى ولوا الأدبار.

فقال لي النبي (عليه السلام): ما تسمع يا علي مدحتك في السماء! إن ملكا يقال له رضوان ينادي: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. فبكيت سرورا وحمدت الله على نعمته (1).

وروى الحسن بن محبوب، قال: حدثنا جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) قال: كان أصحاب اللواء يوم احد سبعة (2) قتلهم علي (عليه السلام) عن آخرهم وانهزم القوم، فلم يعد بعدها أحد منهم، وتراجع المنهزمون من المسلمين الى النبي (صلى الله عليه وآله) وانصرف المشركون الى مكة، وانصرف النبي (صلى الله عليه وآله) الى المدينة فاستقبلته فاطمة (عليها السلام) معها إناء فيه ماء، فغسل به وجهه، ولحقه امير المؤمنين (عليه السلام) وقد خضب الدم يده الى كتفه ومعه ذو الفقار، فناوله فاطمة (عليها السلام)، وقال لها: خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم وأنشأ يقول:

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديد (3) ولا بمليم

(4)

لعمري لقد اعذرت في نصر أحمد

وطاعة رب بالعباد رحيم (5)

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش.

وروي: أنه لما انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى فم الشعب خرج علي (عليه السلام) حتى ملأ

Bogga 161