مصطلحاتها الشرعية فاستبعدت أسماء الشريعة المطهرة الواردة في التنزيل وسنة النبي ﵊، وما ورد على لسان الصحابة فمن بعدهم من أساطين علماء هذه الأمة عبر القرون.
واستبدل بكل هذا لغة القانون المصنوع، وهي لغة كما يعلم أولو العلم أقرب إلى اللغو لما يتخلّلها من قصور وعجمة وسماجة.
وكان نتيجة هذا العدوان المحكم أن أصبحت مصطلحات الشريعة في ديارها غريبة غربة الإسلام عن الواقع فاستحكم بذلك الانفصام بين المسلم وتراثه الأثيل.
وفي بيان هذا يقول الأستاذ الكبير أبو الأعلى المودودي ﵀ تحت عنوان "غرابة المصطلحات": "المشكلة الأولى جاءت من جهة اللغة وبيان ذلك أن الناس عامة في هذا الزمان قليلًا ما يتفطنون لما ورد في القرآن وفي كتب الحديث والفقه من المصطلحات عن الأحكام والمبادئ الدستورية ... ففي القرآن الكريم كثير من الكلمات نقرؤها كل يوم ولكن لا نكاد نعرف أنها من المصطلحات الدستورية كالسلطان، والملك، والحكم، والأمر، والولاية. فلا يدرك مغزى هذه الكلمات الدستوري الصحيح إلّا القليل من الناس، ومن ثم نرى كثيرًا من الرجال المثقفين يقضون عجبًا ويسألوننا في حيرة إذا ذكرنا لهم الأحكام الدستورية في القرآن أو في القرآن آية تتعلق بالدستور؟ والواقع أنه لا داعي إلى العجب لحيرة مثل هؤلاء الأفراد، فإن القرآن ما نزلت فيه سورة سميت بالدستور ولا نزلت فيه آية بمصطلحات القرن العشرين". (١)
هذا جانب من جوانب المصطلحات الشرعية المهدورة. وأما العدوان على بقية جوانبها الأخرى، خاصة في الاقتصاد والأموال وفي القضاء والإثبات والجنايات، وعلى المواضعات اللغوية، وفي أسماء العلوم والفنون الأخرى، وسائر أنواع الصناعات والتجارات والعلاقات الخاصة والعامة ... فتضيق
_________
(١) انظر: (كتابه تدوين الدستور الإسلامي: ص ٩ - ١٠).
1 / 10