ومن ضمن هذه الدراسات "القواعد الففهية" و"الضوابط" و"النظريات" و"الفروق" و"الأشباه والنظائر" وغيرها. التي بحثها فقهاء هذه الأمة قديمًا وحديثًا. (١)
كما حظي من جانب آخر علم "الغريب في الفقه الإسلامي" بالاهتمام الكبير من فقهاء المذاهب الذين نحوا منحى البحث اللغوي والاصطلاحي في ألفاظ الفقه. ذلك لما يوليه هذا العلم من العناية الفائقة باللغة العربية من حيث مدلولات ألفاظها وحسن استعمال صيغها، كما لا يخفى ما له من دور فعّال في نضج الفكر الفقهي السليم النابع عن الممارسة الجدية لمدلولات اللغة ومعانيها، وكانت هذه الحقيقة جليّة لدى فقهائنا الأولين من السلف، وعلى رأسهم الإمام الشافعي ﵀ الذي انكبّ -ما يقرب من العشرين سنة- على دراسة علم العربية في معاقلها الأولى، ولما سئل في ذلك قال: "ما أردت بهذا إلاّ الاستعانة على الفقه" (٢) وتأكيدًا لهذا ما قاله ابن السيد البَطَلْيُوسي (المتوفى ٥٢١ هـ) "إن الطريقة الفقهية مفتقرة إلى علم الأدب، مؤسسة على أصول كلام العرب، وإن مثلها ومثله قول أبي الأسود الدؤلى:
فإلا تكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها" (٣)
كما لا يخفى علينا ونحن طلاب علم ما لهذه المصطلحات الفقهية من مكانة علمية بارزة، ورتبة سنية في سلم الفقهيات، إذ بها تتضح الملابسات وتتميّز المتشابهات، ويزول الغموض عن كبريات المسائل فتنحل بذلك قضايا، وتتجلّى حقائق في حياة الفرد والمجتمع -كما يمكن أن نضيف في سجل الأهمية لهذه المصطلحات ما قاله أحد الكتاب المحدثين "إن تاريخ العلوم تاريخ لمصطلحاتها، وإنه لا حياة لعلم بدونها، وعلمية الاصطلاح في العلوم كعلمية الاسم على المولود في إيضاح المقصود وتحديد المفهوم.
_________
(١) ينظر في هذا ما كتبه الأخ الفاضل: علي الندوي في كتابه "القواعد الفقهية" رسالة ماجستير في الفقه من جامعة أم القرى بمكة الكرمة.
(٢) انظر: (مقدمة غرر المقالة في شرح غرب الرسالة للمحقق: ص ٦٠).
(٣) انظر: (الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف: ص ٢٢).
1 / 8