والشكرُ الثناءُ عليه بأفعالِه، فالحامدُ قسمان: شاكرٌ ومُثْنٍ بالصفاتِ الجميلة. وقيل: الحمدُ مقلوبٌ من المدحِ، وليس بسديدٍ وإن كان منقولًا عن ثعلب، لأن المقلوبَ أقلُّ استعمالًا من المقلوب منه، وهذان مستويان في الاستعمال، فليس ادِّعاءُ قلبِ أحدِهما من الآخر أَوْلَى من العكس، فكانا مادتين مستقلتين، وأيضًا فإنه يَمْتنع إطلاقُ المدحِ حيث يجوزُ إطلاقُ الحمدِ، فإنه يقال: «حَمِدْتُ الله» ولا يقال مَدَحْته، ولو كان مقلوبًا لَما امتنع ذلك. ولقائلٍ أن يقول: مَنَعَ من ذلك مانعٌ، وهو عَدَمُ الإِذْنِ في ذلك.
وقال الراغب: «الحمدُ لله الثناء [عليه] بالفضيلة، وهو أخصُّ من المدحِ وأعمُّ من الشكر، يقال فيما يكونُ من الإِنسان باختياره وبما يكونُ منه وفيه بالتسخير، فقد يُمْدَحُ الإِنسان بطولِ قامتهِ وصَباحةِ وجههِ كما يُمْدَحُ ببذلِ مالِه وشجاعتهِ وعلمهِ، والحمدُ يكون في الثاني دونَ الأول، والشكرُ لا يُقال إلا في مقابلةِ نعمة، فكلُّ شكرٍ حَمْدٌ وليس كل حمدٍ شكرًا، وكلُّ حَمْدٍ مَدْحٌ وليس كلُّ مَدْحٍ حمدًا، ويقال: فلان محمود إذا حُمِد، ومُحْمَدٌ [وُجد محمودًا] ومُحَمَّد كَثُرت خصالُه المحمودة، وأحْمَدُ أي: إنه يفوق غيرَه في الحمد» .
والألفَ واللامُ في «الحَمْد» قيل: للاستغراقِ وقيل: لتعريفِ الجنسِ، واختاره الزمخشري، قال الشاعر:
٣٥ -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... إلى الماجِدِ القَرْمِ الجَوادِ المُحَمَّدِ