169
ما» نكرةٌ موصوفةٌ، ومعناها الوقتُ أيضًا، والعائدُ محذوفٌ، تقديرُه: كلَّ وقتٍ أضاءَ لهم فيه، فأضاءَ على الأول لا محلَّ له لكونِه صلةً، ومحلُّه الجرُّ على الثاني. و«أضاء» يجوز أن يكون لازمًا. وقال المبرد: «هو متعدٍّ ومفعولُه محذوفٌ»، أي: أضاء لهم البرقُ الطريقَ، فالهاء في «فيه» تعودُ على البرق في قولِ الجمهور، وعلى الطريقِ المحذوفِ في قول المبرد.
و«فيه» متعلِّق بمَشَوا، و«في» على بابها أي: إنه محيطٌ بهم: وقيل: هي بمعنى الباء، ولا بدَّ من حذف على القَوْلين، أي: مَشَوا في ضوئِه أي بضوئِه، ولا محلَّ لجملةِ قولهِ «مَشَوا» لأنها مستأنفةٌ.
واعلم أنَّ «كُلًاّ» من ألفاظِ العموم، وهو اسمُ جمعٍ لازمٌ للإِضافة، وقد يُحْذَفُ ما يضاف إليه، وهل تنوينُه حينئذٍ تنوينُ عوضٍ أو تنوينُ صَرْفٍ؟ قولان. والمضافُ إليه «كل» إن كانَ معرفةً وحُذِفَ بقيتْ على تعريفها، فلهذا انتصَبَ عنها الحالُ، ولا يَدْخُلها الألفُ واللامُ، وإن وقع ذلك في عبارةِ بعضِهم، وربما انتَصَبَتْ حالًا، وأصلُها أن تُسْتَعْمَل توكيدًا كأجمعَ، والأحسنُ استعمالُها مبتدأً، وليس كونُها مفعولًا بها مقصورًا على السماعِ، ولا مختصًا بالشعر خلافًا لزاعم ذلك. وإذا أُضيفت إلى نكرةٍ أو معرفةٍ بلامِ الجنسِ حَسُنَ أن تَلِي العواملَ اللفظيةَ، وإذا أُضيفت إلى نكرةٍ تعيُّنَ اعتبارُ تلك النكرة فيما لها من ضميرٍ وغيره، تقول: كلُّ رجال أتَوْكَ فأكرِمْهم، ولا يجوزُ أن يراعى لفظ «كل» فتقول: كلُّ رجال أتاكَ فأكرمه، و[تقول:] كلُّ رجلٍ أتاك فأكرمه، ولا تقول: أَتَوْك فأكرِمْهم، اعتبارًا بالمعنى، فأما قوله:
٢٤٨ - جادَتْ عليه كلُّ عَيْن ثَرَّةٍ ... فتركْنَ كلَّ حدَيقةٍ كالدرهم

1 / 180