Durr Manzum
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Noocyada
ثم إنا نعود إلى تتميم الكلام(1) فيما كنا بصدده فنقول: قد حققنا المذاهب في وجوب الإمام.
فأما المنكرون لوجوبها فاحتجوا بأن الإمام بمنزلة الوكيل للأمة، وللموكل أن يتولى بنفسه ما وكل فيه من دون الوكيل.
وهذا احتجاج ركيك وليس الإمام بوكيل للأمة ولا خليفة عنهم، وإنما هو خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكمأمور لله تعالى وأمين له، ومؤتمن على الدماء والأموال والأديان، وبإقامة الأدلة على وجوب الإمامة عليه يسقط هذا القول ويبين بطلانه.
وأما ذكر ما يحتج به القائلون بأن وجوبها إنما يعرف بالعقل وحده، فبطلانه يتبين بإقامة الحجج الشرعية السمعية.
وأما ما يحتج به القائلون بأن العقل طريق إلى وجوبها مع الشرع، فليس مما يهمنا ذكره، إن صح ما زعموه فزيادته خير وتقوية للوجوب، ومعين على المطلوب، وإن لم يصح ففي الأدلة السمعية الشرعية غنية وكفاية، وحججهم جميعا في الكتب المتداولة معروفة فمن رغب إلى الوقوف عليها فليطالعها.
وأما الحجج التي يذكرها أهل المذهب المختار فهي ثلاث:
الحجة الأولى: إجماع الصحابة على ذلك، فإنه لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فزعوا إلى نصب إمام من غير تراخ منهم آثروه على تجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمع من أحد منهم -على شدة تنازعهم في تعيين الإمام-، القول بأن هذا أمر لا حاجة بنا إليه، ولا تكليف علينا فيه، ولا ملجيء لنا إلى هذا التنازع، بل لم يختلفوا في النصب وإن اختلفوا في المنصوب.
الحجة الثانية: إن الصحابة أجمعوا على أن أمر الحدود إلى الإمام، وأن التكليف بها على سبيل الإستمرار إلى أن ينقطع التكليف، والخطاب بها ورد مطلقا غير مشروط بقيام إمام، وقامت الأدلة السنية على أن الإمام شرط في ذلك، ووجوب تحصيل مالا يتم الواجب إلا به لأنه يجب كوجوبه.
Bogga 74