Durr Manzum
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Noocyada
وأما التكفير والتفسيق فدليلهما شرعي قطعي، لا يقع منه على العلم اليقين من أحاط بكثير من الفنون، دع عنك من استند فيه إلى مجرد التلقين لتوقف معرفته على علوم صعبة، ورياضة تامة، قطعت في تحصيلها الأعمار، ولم يهتد للطائفها إلا حذاق النظار من جهابذة الأخيار، كما لا يعزب ذلك على ذوي النظائر والأبصار، وقد زلت في هذا المقام إقدام كثير من النحارير، فما ظنك بالعامة، حتى صنف جماعة من المحققين مصنفات أفردوها في تحقيق قواعد التكفير والتفسيق كالبستي، والإمام عماد الدين يحيى بن حمزة عليه السلام وغيرهم من العلماء، وبينوا قواعد ولخصوا فوائد، ذهل عنها العلماء الأعلام، المرجوع إليهم في مشكلات الأحكام.
وإذا ثبت أن معرفته تعالى عقلية -بخلاف مسألة التكفير والتفسيق- فإنها شرعية قطعية، خفية غير جلية، عرفت بذلك ضعف ما ذكره المجيب، ألا ترى أن العامة إذا لقنت الأدلة العقلية، لم تبعد عن أفهامها نحو العالم مؤلف، وكل مؤلف محدث، فالعالم محدث، وإذا لقنت الأدلة الشرعية نبت عنها أسماعها، وباينتها طباعها، كما إذا لقنت دليل الفسق، فقيل يدل على فسق مخالف الإمام آية كذا وحديث كذا، لأنه يدل على معنى لا يحتمل غيره، مع تواتره وعدم نسخه، وما كان كذلك فهو قاطع، والمنصف يعرف أن العامة بل كثيرا من طلبة العلم لا يهتدي إلى ذلك فهما، ولا يستفيد منه ظنا ولا علما، ولم يسمع عن أحد من المتقدمين والمتأخرين من أئمة العترة " وشيعتهم الكرام أنه أشار إلى ما ذكره المجيب من التلقين، ولا وضع فيه مختصرا بين فيه كيفيته وقرب معناه للعامة، ولخص لهم عبارته مع أنه مهم من مهمات الدين والتكليف به واقع في كل حين، فإن كان المجيب قد اطلع على شيء من ذلك فليرشد إليه، ويدل العامة عليه، فأما نحن فلم نقف على شيء من ذلك مع حرصنا على مطالعة كتب أئمتنا " وشيعتهم، إلا أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
Bogga 344