Durr Manzum
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Noocyada
وأما الدليل السمعي: فهو ما حكاه الله تعالى في محكم كتابه عن بني إسرائيل حين قهرهم عدوهم وأزعجهم من ديارهم فطلبوا القيام بمجاهدته، فإنهم أول ما طلبوا مالا يستقيم إلا به، فقالوا لنبيئهم أشموئيل عليه السلام : ?ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله? [البقرة:246]، ولم يقولوا: ائذن لنا نقاتل عدونا. ما ذاك إلا لما علموا أن القتال من دون ملك ينظمه ويدبر أمره لا يستقيم، فطلبوا ما يحصل به قوامه، وهو بعث الملك لهم، فقرر الله تعالى ورسوله نظرهم في ذلك، ولم ينكر نبيئهم عليه السلام ما اعتقدوه، من كون القتال لا يستقيم إلا بملك، وإلا لم يحصل الغرض المقصود به، فأجاب سؤالهم بأن أخذ عليهم العهد بأنهم يقاتلون متى أمرهم الملك الذي التمسوا إقامته، وأنهم لا يتركون القتال معه، حيث قال:?هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا? [البقرة:246]، فقرروا على أنفسهم الوفاء بما عهد به إليهم، بأن قالوا: ?وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله? الآية([البقرة:246]، فلما آنس منهم الوفاء، وعلم أن الجهاد لا قوام له إلا بملك ينظم أمره ويعلم أحكامه، قال: ?إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا? [البقرة:245]، واختاره من غير بيت الملك، وكان دينا، عالما، علم الله تعالى من حاله من البسالة في القتال وسعة العلم بالأحكام التي تتعلق بالجهاد، ومن ثم لما استنكروا إقامته عليهم وليس من بيت مملكتهم، بين الله تعالى على لسان نبيه العلة التي لأجلها اختاره عليهم، فقال: ?إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم? [الحجرات:13].
Bogga 321