251

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

أما قوله: إنه إجماع فعلي، فهذا قد أورده الفقيه يحيى حسن القرشي رحمه الله في المنهاج، وتحريره: أن هذا إجماع فعلي، وإجماع الأمة على فعل لا يكون حجة على وجوب ذلك الفعل إلا إذا علمنا أنهم إنما فعلوه لوجوبه عندهم، وظهر لنا ذلك، فأما مع جهلنا الوجه الذي أوقعوا عليه ذلك الفعل، فلا وجه للاحتجاج به، ونحن لا نعلم أنهم فزعوا إلى نصب الإمام لوجوب ذلك ولا طريق لنا إلى القطع به، ومن الجائز أنهم فزعوا إلى ذلك لكونه أصلح لهم في دنياهم لا دينهم، أو لكونه أولى في صلاح الدين أيضا، لا لوجوبه عليهم وجوبا حتما كما في صلاة الوتر فإن إجماعهم على فعلها لم يدل على وجوبها، ومع هذا الاحتمال لا يستقيم الاحتجاج بذلك على أن الإمامة واجبة على الأمة.

والجواب: أنا لا نسلم ما ذكره من الاحتمال، لأن المعلوم ضرورة أنه يجب على كل مسلم نصرة الإسلام وتوهين أركان الكفر بما أمكنه، حسبما يستطيع من ذلك، وكل عاقل يعلم ضرورة أن بقاء الأمة بعد موت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فوضى لا أمير لهم ينظم أمرهم، ويجمع كلمتهم، ويتفرغ لسد الثغور وإصلاح ما أفسده الجهال والضلال، هدم لما كان صلى الله عليه وآله وسلم شيده، وخرق لما كان قد سدده، فإن الأمة حينئذ تكون أشبه بغنم لا يحفظها راع عن مراتع الطلب، ولا يحرسها عن أن يعبث فيها الذئاب فتذهب وفرتها كل الذهاب، والمنكر لذلك معاند دافع للعلم الضروري من جهة العادة لا إشكال في ذلك.

فعلم أنهم إنما فزعوا إلى نصب الإمام لتقوية أمر الإسلام، ولا شك أن تقويته عليهم فرض واجب، وحتم لازب، فيجب أن يكون فعلهم ذلك إنما كان لأجل وجوبه وهو المطلوب.

وهذا الجواب ذكره الإمام المهدي وبالغ في تضعيف الاعتراض، حتى قال: إنه غير واقع ولا يصدر عن فطانة.

Bogga 264