Durr Manzum
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Noocyada
[ذكر أدلة وجوب نصب الإمام وتأكيد قطعيتها]
ثم قال أبقاه الله تعالى: ولم أظفر من أدلة الأصحاب مع هذه الدعوى بما مقدماته يقينية، وقواعده التي يبنى عليها قوية، مع كثرة بحثي عن ذلك في كتب الأصول والفروع، وتطلبه من مصنفات المعقول والمسموع، فإن مسائل الإمامة متفرعة إلى فروع كثيرة، كوجوب نصب الإمام، ووجوب اتباعه، ومعرفة شرائط الإمامة، ووجه اشتراط كل واحد منها، ووجه الاقتصار عليها، ومعرفة ما يحتاج إلى الإمام فيه، ووجه قصره عليه وغير ذلك.
والأدلة القاطعة الشرعية ليست إلا الكتاب الصريح، والسنة المتواترة، والإجماع والقياس القطعيين، فأما العقل فلا مجال له هنا على الصحيح، ولم يتضح لي ثبوت شيء من هذه الأدلة القاطعة في هذه المسائل ولا في شيء منها.
أقول: لا وجه يتمسك به من أنكر كون مسائل الإمامة قطعية، إلا ما يدعيه من أنه لا دليل يقتضي ذلك، ونحن الآن نقيم البرهان بعون الله على صحة القطع بها، حتى يظهر صحة ما ادعاه أصحابنا رضي الله عنهم.
فنقول: أما وجوب نصب الإمام فالدليل عليه وجوه ثلاثة:
أحدها: إجماع الصحابة حيث فزعوا عقيب موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى نصب من يخلفه، وبادروا إلى ذلك واختصموا فيه، وظهر التشاجر، قال أبو بكر: لا بد لهذا الأمر ممن ينظمه ويقوم به، ولم ينازعه أحد في ذلك، ولا علم أن أحدا منهم قال: لا حاجة إلى إمام بل أمر كل منا إلى نفسه، بل أجمعوا على مثل ما ذكر أبو بكر أنه لا بد من قائم تلجأ إليه الأمة، ولم ينازع في شدة الحاجة إليه منازع، علم ذلك ضرورة من حالهم حينئذ، ومن ثم اشتغلوا بطلب ذلك قبل مواراة رسول صلى الله عليه وآله وسلم في حفرته، ولم ينكر أحد منهم تقديم الاشتغال بذلك، والاهتمام به على الاشتغال بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومواراته، بل فزع كل واحد إلى النظر فيمن يخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تعليق الأمور به على حد تعليقها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياته.
Bogga 261