218

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

الإمام فيه، ووجه قصره عليه، وغير ذلك، والأدلة القاطعة

الشرعية ليست إلا الكتاب الصريح، والسنة المتواترة، والإجماع والقياس القطعيين، وأما العقل فلا مجال له هنا على الصحيح، ولم يتضح لي ثبوت شيء من هذه الأدلة القاطعة في هذه المسائل ولا في شيء منها.

[أدلة الأصحاب على وجوب نصب الإمام ومناقشة الإمام لها]

وقد أورد أصحابنا في كتبهم أدلة على وجوب نصب الإمام، أشفها إجماع الصحابة، لأنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فزعوا إلى نصب إمام من غير تقاعد ولا تناكر، ولم يسمع عن أحد منهم القول بعدم وجوب ذلك، ولا فهم من قرائن أحواله، مع اختلاف أنظارهم، وتشتت أرآئهم في تعيين الإمام، وغير ذلك من الأحكام.

وهذا الدليل عن القطع بمراحل، وكيف وهو -لو صح- إجماع فعلي فقط؟ وعدم حصول التواتر في النقل عن كل واحد من الصحابة معلوم، وكل مسألة يكون دليلها الإجماع فالأقرب عدم تأتي القطع فيها، وهي بأن تكون ظنية أو لا، وهيهات أن تجتمع شرائط الإجماع القطعي في حق أئمة النقل والتنقير، فكيف بأهل الإهمال والغفول الكثير، ولو قدرنا حصول شرائط الإجماع وتواتره عن كل واحد من الأمة؛ فقد ورد على ما نجعله دليلا على كون الإجماع دليلا وهو الآية الكريمة (?ويتبع غير سبيل المؤمنين...? [النساء: 115]، ما ورد وحكم عليها الفحول بأنها من الظواهر وليست من الصرائح في الدلالة.

ومن أدلتهم: أن الله سبحانه وتعالى فرض الحدود وأمر بإقامتها، ثم وقع الإجماع على أنه لا يقوم بها إلا الإمام، فوجب فعل مالا يقوم الواجب إلا به، وهذا يترتب على ثبوت هذا الإجماع المدعى، ونقله تواترا، وفي ذلك من البعد مالا يخفى، بل هو في حكم المتعذر المستحيل والله أعلم.

Bogga 227