190

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

لا يقال: ومن أين أن حصة الفقراء والمساكين يتعين فيما بقي بيد رب الزكاة والحقوق، فإن حصتهم في الزكاة مشاعة، فإذا قبض الإمام بعضا من الزكوات ونحوها، كان لهم حصتهم منه حيث قبض الزكاة كلها وإلى أربابها حيث تولوا صرفها وتفريقها، فإذا قال رب الزكاة للإمام: هذا إليك، وهو حصة الجهاد ونحوه من المصارف، وهذا إلى حصة الفقراء والمساكين حيث كان ربعا أو حصتهما، وحصة الغارم وابن السبيل مثلا حيث كان نصفا، وقبل ذلك الإمام منه وأقره عليه فلا شيء في يد الإمام للفقير حينئذ، ولا حق يتعلق به له، ولا يلزم أن يكون قسمة الزكاة بين مصارفها كقسمة الأشياء المملوكة بين مالكيها، فيشترط الحضور والتراضي أو مصير كل نصيب إلى مستحقه، فيما قسمته أفراد، ألا ترى أن بعض أرباب الزكاة لو صرفوا في ابن السبيل حصته من واجبهم أو إلى الغارم مثلا حصته ولم يسلموا للفقير والمسكين شيئا لم يكن مطالبة أولئك المصروف إليهم، وأن يقولوا حصتنا مشاع فسلموا لنا حصتنا مما صار إليكم، فلم نرض بما ذكروه من بقاء حصتنا بأيديهم؟ هذا مالا يقول به أحد ولا يتصور ولا يتقرر، ولو كان المصارف كالمالكين لما جاز أن يختص بعض، أهل المصارف دون بعض وفقير دون سائر الفقراء، والأمر فيما ذكرناه ظاهر.

وأما فرض أن يد الإمام انبسطت وتمكن من قهر أهل جهة فاستوفى منها الحقوق كلها واستقصى عليها، فلا كلام أنه يجب عليه تعهد من فيها من الضعفاء الذين حققتهم، كما ذكره المهدي عليه السلام أحمد بن الحسين، وهم الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.

Bogga 199