Durr Manzum
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Noocyada
[توضيح ضعف المذهب المنسوب لأبي طالب]
ومن السلوك في مسالك الغرور، فيتبين أن المفتي بذلك المذهب من أهل الأهواء والأغراض والقلوب المراض.
واعلم : أن مذهب أبي طالب في هذه المسألة ضعيف جدا، وقد وقفنا لبعض العلماء على نسبته فيه إلى الغلط، ثم إنا نوضح ضعف هذا المذهب بوجوه غير ما تقدم ذكره.
أحدها: أن نقول: تسليم الحقوق إلى الإمام حق من حقوقه
الواجبة على الإمام، وقد صرحتم بسقوطه عمن لم تنفذ أوامره عليه، ولم يكن من أهل الناحية الذين تظهر عليهم طاعته، وتنفذ عليهم وطأته، فهل تقولون أن سائر حقوقه التي يجب له من طاعة أو محبة والالتزام بعروته والجهاد بين يديه وإجابة داعيه وغير ذلك ساقطة عمن تلك صفته بسقوط وجوب تسليم الحقوق إليه أو لا؟
إن قلتم: نعم هي كلها ساقطة عنه كسقوطه، كان حاصل كلامكم أنه من لم ينفذ أوامر الإمام عليه لم يتوجه الخطاب بوجوب طاعته إليه، فيكون وجوب القيام في حقه كعدمه، ولا يثبت إلى الإمام حكم من الأحكام إلا في حق من جرت أحكام ولايته عليه، حتى لو لم ينفذ أوامره إلا على أهل محله لم يكن إماما إلا لهم فقط، ولو لم ينفذ أوامره على أحد لم يكن إماما لأحد وكان كواحد من سائر الناس، وهذا إبطال لأحكام الإمامة، وتنكيس لها على الهامة، ورمي بها في جب ثمانين قامة، هذا ما لا ينبغي أن يقول به مميز من الناس، ولا يلتبس عليه شيء من الالتباس.
وإن قلتم: إنه لا يسقط عمن لا ينفذ أوامره عليه من حقوقه إلا ذلك الحق فقط، وبقية حقوقه باقية واجبة، ومن ينفذ أوامره عليه لازمة، قلنا: هاتوا لنا المخصص وأبرزوه، الذي قضى بأن الإمام إمام في جميع الأحكام إلا هذا الحكم المخصوص، فخروجه عنه منقوص، وهو تخصيص من غير مخصص، وفرق من غير فارق مخلص.
وثانيها: أن نقول: أخبرونا عن مقاتلة الخلفاء الراشدين
والأئمة الهادين الذين كانوا عن تسليم الحقوق إليهم متمردين، هل قاتلوهم على أمر يستحقونه عليهم وولايته إليهم أو لا؟
Bogga 190