164

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

وقال الإمام المهدي عليه السلام : الأصح في فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه والقاسم أنها لم تبطل ولايتهم، باعتزالهم(1) المذكور، ولكن يسقط فرض الجهاد فقط.

وأقول والله الموفق: ينبغي تلخيص هذه المسألة وتحقيق النظر فيها، وإني لم أزل أتأمل في أمرها والنظر في أطرافها، وأعدل ما يقال فيها، والأقرب أن حال الداعي الداخل في هذا الأمر المتحمل لأعبائه لا يختلف في أول الأمر وآخره، فلا يكون لدخوله في هذا الأمر تأثير في اختلاف التكليف، بل تكليفه بعد دخوله كتكليفه قبله، ولا يختلف الحال إلا باختلاف الاعتبارات وتعاكس الحالات، فمتى فرض أنه قبل قيامه قد تعين عليه الأمر وتحتم عليه هذا التكليف وصار لازما له، لا مخلص له عنه بأن يقوم أحد مقامه، ولا يسد مسده، وحيث يؤدي تأخره إلى اختلال أمور الدين، وانتشار نظام الإسلام، قد دخل في ذلك الأمر قاصدا لوجه الله تعالى، قائما بما فرض الله تعالى، فما عدا مما بدا؟!. وحاله في الانتهاء كحاله في الابتداء، وحيث لم يتحتم الأمر عليه ولا يتوجه إليه، وكان واجبا مخيرا أو فرضا موسعا وغيره يقوم مقامه، ويسد مسده، واستمرت الحالة هكذا من قبل قيامه إليها بعده، فليس دخوله في الأمر بعد عقد الإمامة لازما وأمرا واجبا، كنذر الناذر وهبة الواهب، وبيع البائع، ولا ثم دليل ولا شرع يقضي بأن نفس الدخول في الأمر يعد من العقود اللازمة والموجبات القائمة، هذا على سبيل الجملة، ثم إذا فرض أنه دخل في الأمر لتعيينه عليه وتضيقه في حقه، ثم اتفق بعد ذلك أن نشأ وحصل من الصالحين لهذا الأمر والذين يقومون مقامه طائفة بحيث أن تنحيه لا يؤدي إلى ضياع الأمر وانتشار النظام، وتنفس أهل الظلم والإجرام، صارت الحال غير الحال، واتسع حينئذ المجال، وكذلك لو فرض أنه دخل في الأمر لا لتعيينه عليه بل ليقوم بفرض الكفاية لوجدان الصالح غيره، ثم تعقب ذلك عدم من يقوم مقامه ويسد مسده ، فإنه يصير الأمر مضيقا عليه ومتعينا بعد أن لم يكن كذلك.

Bogga 172