[حكم السلام عليه ص]
والسلام فيما ذكر كالصلاة لوجوبه في التشهد، وتصريح الحليمي بوجوبه كلما ذكر.. يوافق ما مرّ عنه في الصلاة، وسوّى ابن فارس اللغوي بينه وبين الصلاة في الفرضية؛ أي: لأن كلّا منهما مأمور به في الآية، والأمر للوجوب حقيقة، إلا إذا ورد ما يصرفه عنه، ويجب بالنذر كالصلاة.
وبما تقرر من تساويهما.. سقط ما قيل: (هما متعاطفان في الآية؛ فلم اختلف في وجوبها دون وجوبه، وكان القياس العكس أو التشارك؟!) اهـ
وسقط أيضا جواب هذا بأن بينهما عموما وخصوصا مطلقا، كالإنسان والحيوان؛ فالخاص وهو الصلاة هنا يستلزم العام الذي هو السلام هنا، من غير عكس.
السابعة:
إنما أكد التسليم بالمصدر دون الصلاة؛ لأنها مؤكّدة ب (إن)، وبإعلامه تعالى أنه يصلّي عليه وملائكته، ولا كذلك السلام، فحسن تأكيده بالمصدر؛ إذ ليس ثمّ ما يقوم مقامه، وإلى هذا يؤول قول ابن القيّم: (التأكيد فيهما وإن اختلفت جهته؛ فإنه تعالى أخبر في الأول بصلاته وصلاة ملائكته عليه مؤكدا له ب «إن»، وبالجمع المفيد للعموم في الملائكة، وفي هذا من تعظيمه ﷺ ما يوجب المبادرة إلى الصلاة عليه ﷺ من غير توقف على أمر؛ موافقة لله وملائكته في ذلك، وبهذا استغني عن تأكيد «يصلّي» بمصدر، ولمّا خلا السلام عن هذا المعنى، وجاء في حيّز الأمر المجرد.. حسن تأكيده بالمصدر تحقيقا للمعنى؛ وإقامة لتأكيد الفعل مقام تقريره، وحينئذ فكما حصل التكرير في الصلاة خبرا وطلبا.. كذلك حصل التكرير في السلام فعلا ومصدرا) «١» .
وأيضا: فهي مقدّمة عليه لفظا، والتقديم يفيد الاهتمام، فحسن تأكيد السلام؛ لئلا يتوهم قلة الاهتمام به لتأخره، وأضيفت إلى الله تعالى وملائكته
_________
(١) بدائع الفوائد (٢/ ١٨٨) .
1 / 76