[الرسول أخصّ مطلقا من النبيّ]
والرسول أخصّ مطلقا من النبيّ؛ إذ هو: من أوحي إليه بشرع، لا مطلقا- فلا تدخل أمّ موسى ومريم ﵉ ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر به..
فرسول، سواء أكان له كتاب، أو نسخ لبعض شرع من قبله، أو لا كيوشع، هذا هو المشهور.
[قول ابن عبد السلام: النبوّة أفضل من الرسالة]
واختار ابن عبد السلام: (أن نبوّة الرسول أفضل من رسالته؛ لأن النبوة متعلقة بالحقّ من طرفيها، إذ هي إخبار عما يستحقه الربّ تعالى من صفات الجلال ونعوت الكمال، فهي راجعة إلى التعريف بالإله وما يجب له، والرسالة متعلقة بالحق من طرف، وبالخلق من طرف، وما تعلق بالحق من طرفيه أفضل، وأيضا فالنبوة متقدّمة) «١» والجمهور على خلافه.
ويردّ ما احتج به بأن الرسالة متضمنة لطرفي النبوة؛ لاندراجها فيها اندراج الأعم في الأخص؛ فهي مشتملة عليها مع زيادة وصف الرسالة، وعلى فرض التغاير، فوصف الرسالة فيه الإقبال بالناس على الحق، وتعريفهم إيّاه، والنبوة قاصرة عن ذلك، فكانت الرسالة أفضل على كل تقدير، وتقدّم النبوة لكونها وسيلة.. لا يقتضي أفضليتها، بل مفضوليتها «٢» .
[بلاغة قوله تعالى: وملائكته]
وعبّر ب (ملائكته) دون الملائكة؛ إشارة إلى عظيم قدرهم، ومزيد شرفهم بإضافتهم إليه تعالى، وذلك مستلزم لتعظيمه ﷺ بما
_________
ﷺ عن المهموز بقوله: «لا تقولوا: يا نبيء الله» أي: بالهمز «بل قولوا: يا نبي الله» أي: بلا همز؛ لأنه قد يرد بمعنى الضرير، فخشي ﷺ في الابتداء سبق هذا المعنى إلى بعض الأذهان، فنهاهم عنه، فلما قوي الإسلام وتواترت به القراءة.. نسخ النهي عنه؛ لزوال سببه) .
(١) القواعد الكبرى (٢/ ٣٨٦) .
(٢) قال المؤلف رحمه الله تعالى في «التحفة» (١/ ٢٦): (وهو- أي: الرسول- أفضل من النبي إجماعا؛ لتميّزه بالرسالة التي على الأصح- خلافا لابن عبد السلام- أفضل من النبوة فيه، وزعم تعلقها بالحقّ.. يردّه أن الرسالة فيها ذلك مع التعلق بالخلق، فهو زيادة كمال فيها) قال الإمام الشرواني: (والكلام في نبوة رسول ورسالته، وإلا.. فالرسول أفضل من النبي قطعا) .
1 / 56