- وقال المبرّد: رقة تبعث على استدعاء الرحمة، وهو معنى قول غيره:
رقة ودعاء.
- وقال الراغب: (الاستغفار) «١»، وجرى عليه الماوردي.
ولا خلاف في الحقيقة بين هذه الأقوال أيضا، كما هو ظاهر؛ لأنها منهم بمعنى الدعاء الشامل للدعاء بالبركة وبالمغفرة؛ أي: اللائقة بمقامه ﷺ، وبغيرهما من سائر المراتب اللائقة به ﷺ، والباعث عليها منهم ما ركّبه الله ﷿ فيهم من الرقة والمعرفة بحقوقه ﷺ، ومن خصّص الدعاء بالبركة أو المغفرة لم يرد أنهم لا يدعون له بغير ذلك؛ إذ لا دليل له على هذا الحصر، وإنما أراد النصّ على أظهر مقاصد الدعاء عنده، فاجتمعت الأقوال، واتضح المراد منها، وهو أنهم يطلبون له ﷺ من ربّه ﷾ مزيد الثناء عليه وتعظيمه، والإفضال عليه من بركته ومغفرته، وغيرهما من سائر المراتب العليّة، مما يليق بباهر كماله وعليّ حاله، ﷺ وشرّف وكرّم.
وأما صلاة مؤمني الإنس والجنّ عليه
.. فهي بمعنى الدعاء؛ أي: طلب ما ذكر له ﷺ من الله ﵎.
فائدة:
عامة القرّاء على نصب (الملائكة) عطفا على اسم (إنّ)، ثم قيل:
(يصلّون) خبر عنهما، وقيل: عن الثاني، وخبر الجلالة محذوف لدلالة (يصلون) عليه، قيل: ويرجّحه تغاير الصّلاتين، وظاهر كلام أبي حيان ترجيح الأول، وعليه فتردّ حجة الثاني بأنه لا نظر للتغاير مع استعمال لفظ الصلاة للقدر المشترك كما مرّ بيانه، ثم رأيت بعضهم اعتمد ذلك أيضا، بل صوّبه فقال عقب حكايته أن (يصلّون) ليس خبرا عنهما للتغاير السابق:
_________
(١) مفردات ألفاظ القرآن، مادة (صلا) .
1 / 45