[خطبة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين (1) الحمد لله الذي هدانا بلطفه إلى سبيل الصواب، وجعل النية والعمل الصالح سبيلا إلى تحصيل الثواب، وألهمنا مصالح الدين والدنيا ليتم نظام النوع في المبدأ والمآب، وصلى الله على محمد سيد رسله، المفضل على جميع أولي الألباب، الناطق بالحكمة والصادع (2) بالصواب، وعلى آله المخصوصين بالطهارة (3) في الذوات والأنساب، وأصحابه المقتفين أمره ونهيه، صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الآنات والأحقاب (4).
Bogga 1
وبعد (1): فإن دلالة العقل والنقل متطابقة (2) على شرف العلوم الشرعية، وتحصيل مقاصدها وحقائقها متوقف على القصد والنية.
فأشار إلي من إشارته لازبة (3)، وطاعته علي واجبة، أن أجمع له رسالة في علم الشريعة، متضمنة لأحكام النيات وصيغها (4)، وصيغ العقود والإيقاعات، وكل عبارة (5) تحتاج إليها في الشرعيات.
فأجبت إشارته العالية، وامتثلت أوامره الماضية، وكتبت هذه الرسالة، تقربا إلى الله الكريم، ورغبة في ثوابه الجسيم، وتوكلت في ذلك على الواحد الديان، فبه المستعان، وعليه التكلان، وسميتها:
الدر المنضود في معرفة صيغ النيات، والإيقاعات، والعقود (6).
ورتبتها على عدة كتب:
Bogga 2
كتاب الطهارة
وهي لغة: النزاهة والنظافة.
وشرعا: استعمال طهور مشروط بالنية (1)، وتصدق (2) على غير ذلك مجازا.
وأقسامها ثلاثة: وضوء، وغسل، وتيمم.
[القسم] الأول: الوضوء
، وهو: واجب وندب.
وأسبابه: البول، والغائط، والريح من المعتاد، والنوم الغالب للحاستين، ومزيل العقل، والاستحاضة القليلة.
فالواجب بحسب غايته، وهي: الصلاة، والطواف، ومس خط المصحف.
ولا يجب لنفسه قطعا، وقد يجب بنذر، أو عهد، أو يمين.
فلو خلا المكلف من أسباب الوجوب، نوى الندب.
وتجب الصلاة والطواف بالأصل، أو النذر وشبهه، أو التحمل.
Bogga 3
و[يجب] المس برؤية غلط في المصحف- إذا توقف الإصلاح على المس- ولا يختص المس بباطن الكف، بل يحرم بجميع أجزاء البدن، فلو مس بظاهر الكف أو الزند أو اللسان أو الوجه- غير متطهر-، أثم.
ويجب على الولي منع الصبي من مس الكتابة، على الأقوى، وقيل: لا، لكونه غير مخاطب.
وأفعاله:
1- النية: المشتملة على جنس الفعل، وفصوله كالوجوب أو الندب، وخواصه كالرفع والاستباحة والقربة، مستدامة الحكم إلى الفراغ (1).
2- وغسل الوجه من القصاص إلى المحاذر، طولا وعرضا، ما اشتملت عليه الإبهام والوسطى.
3- وغسل اليدين من المرفقين إلى رءوس الأصابع، بادئا بالمرفقين.
4- ومسح الرأس.
5- ومسح الرجلين من رءوس الأصابع إلى أصل الساق.
6- والترتيب.
7- والموالاة.
ونيته: أتوضأ لاستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
ويجوز للمختار- وهو غير السلس، والمبطون، والمستحاضة- إبدال الاستباحة بالرفع، وضمهما معا، وصفته: أتوضأ لرفع الحدث، لوجوبه، قربة إلى الله، أو: أتوضأ لرفع الحدث واستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
Bogga 4
ويجوز أن ينوي استباحة كل مشروط بالطهارة- كمس خط المصحف والطواف- إذا أراد فعل ذلك، ولو لم يرده، احتمل الجواز، لأن الشارع جعله غاية (1)، ويحتمل العدم، لأن نية فعل غير مقصود الفعل كالعابث به.
والأول اختيار فخر المحققين (2)، فإنه قال في فتاويه:" لو نوى استباحة الطواف وهو ببغداد، جاز"، وهو جيد، وإن كان الثاني أحوط.
وكذا يجوز أن ينوي استباحة صلاة معينة، ما لم ينف غيرها، ولو نفى غيرها، بطل على الأقوى، لتلاعبه حينئذ بالطهارة، إلا في موضع لا يستبيح للمتوضئ (3) بالوضوء إلا صلاة واحدة- كالسلس، والمبطون، والمستحاضة- فإن النية تجزئ، لأنه نوى الواقع في التكليف.
ونية الوضوء المنذور: أتوضأ لوجوبه بالنذر، قربة إلى الله.
وله ضم (4) الرفع أو الاستباحة أيضا، قاله ابن فهد (رحمه الله)(5).
وقال الشهيد (رحمه الله):" ينصرف النذر إلى الوضوء الرافع، فلا بد من ضم الرفع أو الاستباحة" (6)، وهو أولى.
ويتفرع على القولين: ما لو عين الوضوء بوقت، فاتفق فيه متطهرا.
Bogga 5
فعلى الأول: يجب التجديد لأنه طاعة في نفسه، إذ وضوء على وضوء نور على نور (1).
وعلى الثاني: لا يجب لعدم إفادته، ولا يجب الحدث لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب المشروط، وحينئذ، يسقط الوضوء، لأن وجوبه مشروط بالحدث، والتجديد أحوط، لبراءة الذمة معه يقينا.
فائدتان:
[الأولى]: إذا عين النذر بوقت، تعين
ووجب فعل الوضوء فيه، ولو فاته بتفريط، فإن كان غير متكرر، كفر عن النذر وقضى، على الأقوى (2)، وإن (3) أطلق، فوقته مدة العمر، وتتضيق بظن الوفاة، فحينئذ لو أخر، أثم ولا يتحقق وجوب الكفارة، والحال هذه ما دام حيا.
نعم، لو مات وجبت في ماله، ولو ظن عدم الوفاة فحصلت، احتمل الكفارة لظهور فساد ظنه، والعدم لجواز التأخير شرعا، وهو جيد.
الثانية: في وجه وجوب النية وفي بيان حقيقتها.
أما الأول- وهو وجه الوجوب-: فدليله العقل والنقل.
أما العقل: فلأن الأفعال الصادرة من الفاعل تحتمل وجوها كثيرة، لا يختص أحدها إلا بالنية، كضربة اليتيم، فإنها إن صدرت على وجه التأديب لمستحقه (4)، كانت حسنة، وإن وقعت على سبيل الظلم، كانت قبيحة.
Bogga 6
أما النقل: فلقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين (1)، والإخلاص إنما يتحقق بالنية.
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في الحديث القدسي (3): من عمل لي عملا أشرك فيه غيري، تركته لشريكه (4)، وهي معتبرة في كل عبادة، إلا النظر المعرف لوجوب معرفة الله تعالى وإرادة الطاعة.
وأما الثاني- وهو بيان الحقيقة-: فاعلم، أن النية هي: إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا، كذا ذكره الفاضل في القواعد (5)، وهو تعريف لمطلق النية، فالإرادة جنس والباقي كالفصل، ويخرج بإيجاد الفعل الترك، فإنه لا يحتاج إلى نية، وقوله:" على الوجه، إلى آخره»، يخرج به الإرادة اللغوية، ويدخل فيه اشتراط التقرب، وهو فعل العبادة خالصة لله وحده.
فلو نوى الريا بطلت قطعا، وكذا لو ضمه، على الأصح.
ولو ضم التبرد، أو التسخن، أو التنظيف، أو التحسين، فقولان، والأقوى البطلان في الجميع لعدم الإخلاص، وكذا لو قصد تحصيل الثواب أو دفع العقاب، وكذا لو فعله حياء (6).
Bogga 7
أما لو فعل العبادة حبا لله، ومهابة له (1)، أو موافقة لأمره، أجزأت.
نعم، لو جعل الثواب والعقاب، أو الحياء (2)، باعثا على فعل العبادة لم يضر قطعا، لأن الكتاب والسنة قاطعان بذلك لمن تأملهما.
ولو ضم نية الوجوب والندب بطل، لتنافي الوجهين، على الأقوى.
واعلم أن في قول الفاضل (رحمه الله) إرادة إشارة إلى فائدة، هي: أن الشارع لم يضع للنية لفظا معينا يجب إتباعه بخصوصه، بل ما اشتمل (3) على المعنى المقصود - وهو جمع الهمة، وبعث النفس، وتوجهها وميلها إلى ما فيه ثواب- تلفظ بذلك أم لا (4)، وكلما يذكر في كتب العلماء، فإنما (5) هو على سبيل التعليم.
واعلم أن ما قدمناه (6) من صفة النية، فإنما هي للمختار، كما عرفت.
أما السلس، والمبطون، والمستحاضة، فالمشهور في عبارة العلماء تعين نية الاستباحة، ولا يجوز نية رفع الحدث، لاستمراره.
وفي رسالة الشهيد (رحمه الله): جوز ضم الرفع إلى الاستباحة، فكأنه جعله ضميمة غير منافية (7).
Bogga 8
وفي قواعده (1) جوز نية الرفع منفردة، لأن المراد من نية رفع الحدث شرعا، رفع المانع- وهو متحقق في الجميع- وإلا لم يجز الدخول في الصلاة به- مثلا- بل لا يصح رفع الواقع، لأنه محال، وهذا المذهب قوي في النظر، بل على هذا يجوز نية رفع الحدث في التيمم، لحصول رفع المانع به (2)، وقد أشار إليه الشهيد في شرح رسالته، فليتأمل ثمة.
والندب بحسب غايته أيضا، وهو كثير، والمهم منه: الوضوء لندب الصلاة والطواف، وقراءة القرآن، ودخول المساجد (3)، وحمل المصحف، وصلاة الجنازة، وتكفين الميت، وزيارة القبور، ونوم الجنب، وجماع المحتلم، وجماع الحامل مطلقا (4)، والسعي في الحاجة، وذكر الحائض، والتجديد، والكون على طهارة.
واعلم، أن استحباب الوضوء في الصلاة المندوبة لا يخرجه عن الشرطية (5)، فلا يجوز فعلها بدونه، بل معناه: إن أراد الصلاة، تطهر ندبا، وإلا تركها لعدم شرعية الصلاة بغير طهارة مطلقا، بخلاف البواقي، فإن الطهارة فيها للفضيلة خاصة، فيصح فعلها بدونها، نعم هي مع الطهارة أفضل، بمعنى كثرة ثوابها على ثواب فاقدها.
Bogga 9
ثم الفعل إن كان يشترط (1) فيه رفع الحدث أو الاستباحة- كالصلاة المندوبة- نوى ذلك.
وصفته: أتوضأ لاستباحة الصلاة، أو: لرفع الحدث، لندبه، قربة إلى الله. ويجوز ضمهما (2).
وإن كان لا يشترط (3) فيه ذلك، كفى في نيته ذكر السبب.
وصفته: أتوضأ لدخول المسجد، لندبه، قربة إلى الله، أتوضأ لتلاوة القرآن، لندبه، قربة إلى الله، وكذا البواقي.
ولا بد من تعينه كما ذكرنا، ولا يكفي الإطلاق- وهو أتوضأ لندبه، قربة إلى الله- لعدم ذكر الخصوصية، وإذا عين فعلا، لم يكف عن غيره.
ولو نوى رفع الحدث، كفى عن الكل، وقيل: لا بد في المندوب من الرفع حيث يمكن، ومع تعذره ينصرف إلى الصورة وتعيين سببه.
ومحل النية: عند غسل يديه المستحب للوضوء، ثم عند المضمضة (4)، ثم عند الاستنشاق، ثم خلالهما، ثم عند أول جزء من أعلا الوجه مقارنة له، وتتضيق حينئذ ويستديم حكمها إلى الفراغ.
وفي تقييد غسل يديه" بالمستحب للوضوء" فائدة، هي: أنه لو كان الغسل واجبا، كإزالة النجاسة، أو حراما، كقصور الماء عنه، أو مكروها
Bogga 10
كخوف غوره، أو مباحا خاصة، كالغسل من غير الإناء، أو مستحبا لغير الوضوء، كالأكل والاستنجاء، لم يجز تقديم النية حينئذ.
والنية عند هذه الأفعال، كالواجب المخير، فينوي الوجوب في أي محل فعلها (1)، وكذا حكم نية الأغسال أجمع.
[القسم] الثاني: الغسل
، وهو واجب وندب.
والواجب:
إما بأصل الشرع وهو ستة:
غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، وغسل الميت، ومسه بعد برده من غسله.
أو لا بأصل الشرع، فبالنذر، أو العهد، أو اليمين.
والقسم الأول- أعني الواجب بأصل الشرع-:
منه، ما يجب لنفسه قطعا، وهو غسل الميت، قاله فخر المحققين (2)، ولقائل أن يقول: إنه (3) لغيره من الأفعال المشروطة به، وإن كانت واجبة على غير محل الغسل.
ومنه، ما هو واجب لغيره قطعا، وهو الأغسال الباقية ما عدا غسل الجنابة.
ومنه، ما هو واجب لنفسه، على خلاف، وهو غسل الجنابة، فإن الفاضل حكم في تحريره (4) بوجوبه لنفسه، والشهيد جزم في كتبه (5) بوجوبه لغيره،
Bogga 11
ولكل حجج ليس هذا موضع ذكرها، والمشهور الأظهر الثاني.
وتظهر الفائدة فيما لو فعله المكلف خاليا عن فعل مشروط بالطهارة، فعلى الأول ينوي الوجوب، وعلى الثاني ينوي الندب.
وكلما هو واجب لغيره، لا يجب إلا بوجوب فعل مشروط به، وهو:
الصلاة (1)، والطواف، ومس خط المصحف، واللبث في المساجد، والاجتياز في المسجدين، وقراءة العزيمة، والصوم في (2) غير مس الميت، لأن حدثه لا يمنع من الصوم على الأصح، وإنما يمنع حدثه ما يمنع الحدث الأصغر، وهو: الصلاة، والطواف، ومس خط المصحف.
وإذا خلت الذمة من هذه الأسباب ، نوى بالغسل الندب، ويباح له المشروط به عند حصوله إذا نوى الاستباحة أو الرفع.
ومحل النية- هنا- كما تقدم، إلا أنها لا تختص بالوجه، بل تجوز المقارنة بجميع الرأس حتى الرقبة، على الأصح.
وواجبه:
1- النية- لما تقدم (3)(4).
2- ثم غسل الرأس.
3- ثم ميامنه.
4- ثم مياسره، مرتبا، كما ذكر.
Bogga 12
ولا يجب الترتيب بين أجزاء العضو نفسه، فيغسل الجانب- مثلا- كيف شاء، ولا يشترط الموالاة في الغسل، إلا غسل المستحاضة (1)، والسلس، والمبطون، إذا كان الحدث مستمرا، أو خشي فجأته في أثنائه.
ويسقط فرض الوضوء مع غسل الميت، ولا يسقط ندبه، ومع غسل الجنابة مطلقا (2)، ويجب مع البواقي، ويتخير المغتسل بين تقديمه وتأخيره، وفي جواز فعله في الأثناء قولان، قوى الشهيد العدم، لأنه لم يتعبد بمثله.
ولا يشترط الموالاة بينه وبين الغسل، إلا في الاستحاضة المستمرة، ولا عدم تخلل الحدث إن أخره، أما لو قدمه ثم أحدث، أعاده.
ولو اجتمع على المكلف غسلان فصاعدا، أجزأ كل منهما عن الآخر، إلا الاستحاضة المستمرة، فإن غيرها لا يجزي عنها، ولا تجزي هي عن غيرها أيضا، لكن إذا نوى خصوصية تستبع الوضوء- كالحيض- وجب الوضوء، فلا تحصل الاستباحة بدونهما، ومتى أحدث في أثناء الغسل بطل مطلقا، وقيل: يتم ويتوضأ مطلقا، وقيل: يعيد غسل الجنابة ويتم ما عداه ويتوضأ.
وصفة النية: أغتسل لرفع حدث الجنابة، أو: لرفع الحدث، أو: لاستباحة الصلاة، أو: لرفع الحدث واستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
وإن كان غير مشغول الذمة بمشروط به، أبدل الوجوب بالندب.
وكذا القول في الحيض والنفاس، إلا أنه إن عين الحدث، نوى رفع حدث الحيض أو النفاس.
Bogga 13
وأما المستحاضة، فإن غسلها يجامع الحدث، فلتعتبر الدم، فإن غمس القطنة وسال، وجب ثلاثة أغسال: غسل للصبح، وغسل للظهرين، وغسل للعشائين، وتتوضأ لكل صلاة، وإن غمسها ولم يسل، فغسل واحد للصبح مع الوضوء لكل صلاة (1)، وإن لم تغمسها، فالوضوء لكل صلاة خاصة، والاعتبار بقلة الدم وكثرته في أوقات الصلوات، فلو سبقت القلة، ثم طرأت الكثرة، انتقل الحكم، فلو كانت الكثرة بعد صلاة الصبح، اغتسلت للظهرين.
وهل يتوقف صحة الصوم على هذا الغسل؟ الأقرب نعم، للحكم على المستحاضة بوجوب الأغسال، وجعلها شرطا، ويحتمل العدم، لسبق انعقاد الصوم، ولا فرق في الصوم بين كثرته قبل فعل الظهرين، أو بعد فعلهما، أما بالنسبة إلى الظهرين، فلا يجب الغسل لهما وإن كثر بعدهما.
وتجب المبادرة بعد فعل الغسل والوضوء إلى الصلاة، إلا بما يتعلق بها، فلو أخرت وحصل حدث، إعادتهما (2)، فحينئذ، يزيد على النواقص تراخي صلاة المستحاضة عن الغسل والوضوء.
ولا يصح الغسل، إلا بعد دخول وقت الصلاة، إلا أن تكون صائمة، أو منتقلة، فتقدمه على الفجر وجوبا، ويجزي له (3) وللصلاة.
ومحل التقديم بعد نصف الليل لا قبله.
ولو تركت الغسل، بطلت الصلاة والصوم، فيجب القضاء دون الكفارة، وكذا الحائض والنفساء، بخلاف الجنب، فإنه يقضي ويكفر.
Bogga 14
وحكم دائم الحدث- كالسلس- حكمها في عدم جواز تأخير الصلاة عن الوضوء، إلا شروطها وسننها (1) كالأذان، ولو كان لكل منهما وقت يظن خلو الحدث فيه عن قدر الصلاة، وجب توخيه.
وصفة النية: أغتسل غسل الاستحاضة، لاستباحة الصوم، أو:
لاستباحة الصلاة، لوجوبه، قربة إلى الله.
ونية الوضوء كما تقدم.
وفي جواز نية الرفع أو ضمه إلى الاستباحة، كلام سبق.
تذنيب:
علم من صفة النية، أنه لا يشترط تعيين الحدث، فلو عينه، فإن كان هو الواقع، فلا بحث، وإن كان الواقع غيره، فإن كان التعيين غلطا، صح، وإلا فلا، ولو عينه ونفى غيره، بطل، لاشتراك الخصوصية.
وكيفية الغسل ما تقدم.
ويجوز الارتماس في جميع الأغسال، ومعناه: مقارنة آخر جزء من النية بجميع البدن، وقيل: تكفي مقارنته بأي جزء اتفق، بشرط (2) اتباع الباقي، والأول اختيار الشهيد (3)(رحمه الله) والثاني مفهوم كلام الفاضل في القواعد (4)، وصرح به في بعض كتبه (5)، وهو اختيار ابن فهد في كتبه (6).
Bogga 15
ويجب تغسيل الميت المسلم أو من بحكمه، وهو الطفل لأربعة أشهر فصاعدا.
والقطعة ذات العظم، والصدر، والقلب، والرأس، وبعض كل منها- وجملة الميت خالية عنها- كالميت في الأحكام، إلا الحنوط إذا فقد محله.
ويغسل المخالف- إلا الناصبي، والغالي ، والمجسم بالحقيقة، والخارجي- كمعتقده، ويجوز بمذهب أهل الحق على كراهية.
والغاسل المسلم، لا الصبي- وإن كان مميزا- على تفصيل (1) ليس هذا موضع ذكره.
وصفة النية: أغسل هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله، أو: أغسل هذا الميت، بماء السدر والكافور والقراح، لوجوبه، قربة إلى الله.
ومحلها: ابتداء غسل الرأس مقارنة، ولا يحتاج إلى ضم رفع، ولا استباحة، ولو نواهما أو أحدهما، لم يضر.
وتجزي نية واحدة للغسلات الثلاث، ولو فرق لكل غسلة نية (2)، أو جمع بين غسلتين (3) في نية، فالأقوى الإجزاء- أيضا- لتعدد الغسلات حسا (4)، ويحتمل عدمه، لأنه غسل واحد- فلا يجزي تفريقه- كغسل الجنابة، وكذا حكم تيممه.
Bogga 16
وإذا كان الغاسل هو الصاب، نوى هو، ولو اشترك جماعة في غسلة، نووا (1) أجمع، ولو كان الصاب غير الغاسل فنوى الصاب وحده، أجزأ، لأنه الغاسل حقيقة، ولو نوى الآخر، فالأقرب الإجزاء أيضا، لأن الصاب كالآلة.
ويشترط فيه إباحة المكان، كغيره من الأغسال والوضوءات.
وكيفية الوضوء ما تقدم.
ونيته: أوضئ هذا الميت، لندبه، قربة إلى الله.
ويتخير في تقديمه وتأخيره كغيره.
ويجب مسمى السدر في الغسلة الأولى، والكافور في الثانية، والقراح البحت (2) في الثالثة.
ثم يحنط بعد غسله، بوضع كافور على مساجده السبعة، أقله مسماه، وأعلاه ثلاثة عشر درهما وثلث درهم (3)، ونيته عند ابتداء الشروع فيه.
وصفتها: أحنط هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.
وتكفينه (4): بمئزر، وقميص، وإزار، ويزاد الرجل عمامة، وخامسة لشد فخذيه، وحبرة أو لفافة بدلها إن فقدت، والمرأة لفافة لثدييها، ونمطا (5)، وتبدل بالعمامة قناعا.
ونية التكفين: أكفن هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.
Bogga 17
ومحلها: عند عقد الإزار، مستمرا عليها إلى عقد اللفافة.
ونية الصلاة عليه وحكمها يأتي في باب الصلاة (1)، إن شاء الله.
ونية دفنه (2): أدفن (3) هذا الميت، لوجوبه، قربة إلى الله.
والنية في هذه الثلاثة (4)(5) شرط في حصول الثواب، لا في صحة الفعل.
ويكون الكفن مما تصح الصلاة فيه.
والحفيرة (6) حارسة من الهوام، وساترة للرائحة.
والواجب بالنذر وشبهه
، كالواجب بالأصل في الأحكام.
ونيته: أغتسل غسل النذر، أو: العهد، أو: اليمين ، لوجوبه، قربة إلى الله.
وله ضم الرفع أو الاستباحة، كما تقدم في الوضوء.
وأما الندب من الأغسال
، فمنه: غسل الجمعة، وأول ليلة من شهر رمضان، ونصفه، وسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر ويومه، ويوم الأضحى، وليلتي نصف رجب ونصف شعبان، ويوم المبعث- وهو سابع عشري رجب- والغدير ثامن عشر ذي الحجة والمباهلة رابع عشري ذي الحجة- في الأصح-، وعرفة تاسع ذي الحجة، ونيروز الفرس- وهو يوم نزول الشمس برج الحمل، ويكون دائما في اثنى عشر من آذار إلى ثلاثة عشر منه، وفيه أقوال آخر، هذا أصح منها-
Bogga 18
وهذه الأغسال للزمان.
وغسل الإحرام، والطواف، وزيارة النبي والأئمة (عليهم السلام)، وتارك الكسوف عمدا مع استيعاب الاحتراق، والمولود حين ولادته، والسعي إلى رؤية المصلوب شرعا بعد ثلاثة، والتوبة عن فسق أو كفر، ولصلاة الحاجة والاستخارة، ودخول الحرم ومكة والمسجد الحرام والمدينة ومسجد النبي (عليه السلام) وهذه للفعل، وربما أطلق على بعضها المكان، وهو باعتبار آخر، ولكل اصطلاح.
ووقت غسل الجمعة أداء، من طلوع فجره إلى زوال شمسه، وقضاء، منه إلى غروب السبت، وتقديما، نهار الخميس، وقيل: إن ليلة السبت ليست محلا للقضاء.
ولو تعارض التعجيل والقضاء، فالأول أفضل.
ووقت الأغسال الزمانية الباقية، أوقاتها المعينة.
فليلة أول رمضان- مثلا- من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ويوم العيد والغدير، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وربما قيل: إلى الزوال.
وغسل الفعل قبل الشروع فيه.
فيغتسل للإحرام ثم يحرم، ولدخول الحرم ثم يدخل، واستثنى من التقديم غسل التوبة ورؤية المصلوب، فإنه بعدهما، والحق بهما قتل الوزغ.
وفي تقديم هذه الأغسال لخائف الإعواز، وقضاؤها لمن فاتته مطلقا، وجهان، والأقرب ذلك.
واستحبابها عام للرجال والنساء، وبعضها آكد من بعض، كالإحرام.
والجمعة مما قيل بوجوبه.
Bogga 19
وما اشتهر على ما لم يشتهر- كغسل (1) فرادى رمضان- أجمع.
فلو ازدحم غسلان منها، قدم المؤكد.
والقضاء مشروع لمن فاتته بعذر، أو غيره (2).
ولو قدم ثم قدر في الوقت، أعاد.
وهيئتها كهيئة الأغسال الواجبة.
ولا يضر تخلل الحدث في أثناء الزمانية، أو بعدها، أما غسل الفعل، فالأقرب إعادته بتخلل الحدث، لأن غايته الفعل ولم يحصل، كذا اختاره الشهيد في الذكرى (3).
ولو فقد الماء في هذه الأغسال، فالأقوى مشروعية التيمم بدلا عنها، سواء كان الغسل رافعا للحدث، أو لا، وجزم به فخر المحققين في رسالته (4).
ونية غسل الجمعة لمؤديه: أغتسل غسل الجمعة أداء، لندبه، قربة إلى الله.
ولمقدمه كذلك، إلا أن ينوي التقديم.
ولقاضيه كذلك، إلا أنه ينوي القضاء.
ولا بد من تعيين السبب زمانا، أو مكانا، أو فعلا.
فللزمان: أغتسل لأول ليلة من رمضان- مثلا- أو: ليلة ثلاث وعشرين منه، أو: ليوم عرفة، لندبه، قربة إلى الله.
وللمكان- كالحرم-: أغتسل لدخول الحرم- مثلا- لندبه، قربة إلى الله.
Bogga 20