وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:
فَأَمَّا إشْبَاعُ المَعْنَى بِلَفْظٍ مُخْتَصرٍ، فَكَقَوْلِ كَعْبِ بنِ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى فِي رَسُوْلِ اللَّهِ ﷺ (١): [من البسيط]
تَحْمِلُهُ النَّاقَةُ الأَدْمَاءُ مُعْتَجِرًا ... بِالبُرْدِ كَالبَدْرِ حَلَّى لَيْلَةَ الظُّلَمِ
وَفِي عِطَافَيْهِ أَوْ أَثناءِ رِبْطَتِهِ ... مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ دِيْنٍ وَمِنْ كَرَمِ (٢)
= غَدَتْ مُقْلَتِي فِي جَنَّةٍ مِنْ جَمَالِهَا ... وَقَلْبِي غَدَا مِنْ حُبِّهَا فِي جَهَنَّمِ
وَكَقَوْلِ الآخَرِ:
سُرِرْتُ بِالطَّيْفِ الَّذِي زَرَانِي ... مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ كَانَ لِي صَارِمَا
فَقُلْتُ أَهْلًا قَالَ لِي مُعْرِضًا ... يَا كَاذِبًا فِيْمَا ادَّعَى آثِمَا
تَنَامُ عَيْنَاكَ وَتَشْكُو الهَوَى ... لَوْ كُنْتَ صَبًّا لَمْ تَكُنْ نَائِمَا
وَكَقَوْلِ كُثَيِّرٍ (١):
يَلُوْمُكَ فِي لَيْلَى وَعَقْلكَ عِنْدَهَا ... رِجَالٌ وَلَمْ تَذْهَبْ لَهُمْ بِعُقُوْلِ
لَقَدْ كَذَبَ الوَاشُوْنَ مَا بُحْتُ كعنْدَهُمْ ... بِسِرٍ وَلَا رَاسَلْتُهُمْ بِرَسُوْلِ
وَلَا تَعْجَلِي يَا لَيْلُ أَنْ تَتَفَهَّمِي ... بِنُصْحٍ أَتَى الوَاشَوْنَ أَمْ بِخُبُوْلِ
(١) لم يردا في ديوانه.
(٢) وَقَدْ نَسَبَ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ قَوْمٌ إِلَى أَبِي دَهْبلٍ وَلَيْسَتَا لَهُ.
* * *
فَمِنْ أَبْيَاتِ أَبِي دَهْبَلٍ قَوْلُهُ فِي الأَزْرَقِ المَخْزُوْمِيّ (٢):
مَاذَا رُزِئنَا غَدَاةَ الخَيْلِ مِنْ زَمْعٍ ... عِنْدَ التَّفَرُّقِ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ كَرَمِ
ظَلَّ لنَا وَاقِفًا يُعْطِي فَأَكْثَر ... مَا سَمَّى وَقَالَ لنَا فِي قَوْلِهِ نَعَمِ
إِقْوَاءٌ =
(١) ديوانه ص ١٧٧.
(٢) ديوانه ١٠١ - ١٠٣.