256

Durr Farid

الدر الفريد وبيت القصيد

Tifaftire

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

التَّصَرُّفِ بالعِبَارَةِ عَنِ الأَمُورِ وَالوَقَائِعِ المُتَقارِبَةِ المعَانِي بَعْضُها بَعْضًا فَتَشَابَهَ بِالسَّرقَةِ حَتَّى لَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: لَا اجْتِلَابَ، وَلَا اسْتِعَارَةَ، وَلَا أخْذَ، وَإنَّ الكَلَامَ كُلَّهُ مُشْتَرَكٌ مُتَدَاوَلٌ، وَالأَلْفَاظَ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ. وَلَيْسَ كَمَا قالُوا أَيْضًا، وَإِنَّمَا لِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ حَدٌّ وَمِقْدَار يُعْرَفُ بِهِ. فَمِنَ المُوَارَدَةِ وَالاشْتِرَاكِ في اللَّفِظْ، ووقُوع الحافِرِ على الحافِرِ، مِمَّا لَيْسَ بِسَرَقٍ قَوْلُ عَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ (١): [من الوافر]
وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بِخَيْلٍ ... عَلَيْهَا الأُسْدُ تَهْتَصرُ اهْتِصارَا
فَقَالَ عَمْرُو بن مَعدِ يكَرِبٍ (٢): [من الوافر]
وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتَ لَهَا بِخَيْلٍ ... تَحِيَّةُ بَيْنِهِم ضرْبٌ وَجِيْعُ
فَقَالَتْ الخَنْسَاءُ بِنْتُ عَمْرٍو (٣): [من الوافر]
وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتَ لَهَا بِخَيْلٍ ... فَدَارَتْ بَيْنَ كَبْشَيْهَا رَحَاهَا
وَقَالَ أعْرَابِيٌّ (٤): [من الوافر]
وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بِخَيْلٍ ... تَرَى فُرَسَانهَا مِثْلَ الأُسوْدِ
فَلَو اجْتَهَدَ هَؤُلَاءِ عِنْدَ قَصْدِهِمْ الإِخْبَارَ بما أخبَرُوا بِهِ مِنْ هَذَا الوَصْفِ أَنْ يُوردُوهُ بِغَيْرِ هَذِهِ العِبَارَةِ فِي هَذَا العُرُوْضِ، لَمَا اسْتَطَاعُوا؛ لأنَّ اللَّفْظَ يَضْطَرُّهُمْ، وَاعْتِمَادَ العِبَارَةِ الشَّرِيْفَةِ يَقُوْدُ أعِنَّتَهُم إِلَى ذَلِكَ. فَرُبَّ مَعَانٍ تَخْتَصُّ بِألْفَاظٍ شَرِيْفَةٍ، لَا يُمْكِنُ تَعَدِّيْهَا إِلَى مَا هُوَ أشْرَفُ مِنْهَا فَهَذَا مِنَ الاشْتِرَاكِ فِي اللَّفْظِ. وَأَمَّا الإشْرَاكُ فِي المَعْنَى مِمَّا يُشْبِهُ المَأْخُوْذُ، وَلَيْسَ بِمَأخُوْذٍ، كَقَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ (٥): [من السريع]
إنَّا وَإيَّاهُم وَمَا بَيْنَنَا ... كَمَوْضِعِ الزَّوْرِ مِنَ الكَاهِلِ

(١) ديوانه ص ٢٣٩.
(٢) ديوانه ص ١٤٩.
(٣) ديوانها ص ١٥٠.
(٤) العمدة ٢/ ٢٩٢.
(٥) لم يرد في ديوانه.

1 / 258