Duroos of Sheikh Abdullah Al-Jalali
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
Noocyada
أنواع رفعة بيوت الله ﷿
والله تعالى هنا أذن أن ترفع، والرفعة تشمل أمرين: الأمر الأول: الرفعة الحسية، وهي بناء المساجد، وليس المقصود بالرفعة رفع سقوف المساجد، بل معنى رفعها بناؤها، بأن توجد رفيعة عالية، وليست عالية السقف، وإنما عالية البناء، أي: أنها وجدت وأنشئت، وأقيمت واحترمت وأكرمت.
الأمر الثاني: الرفعة المعنوية، والمراد بها الطهارة والنظافة، فبيوت الله ﷿ أولى بالطهارة والنظافة.
وأيضًا الرفعة المعنوية بتعظيمها والمحافظة على الصلوات الخمس فيها، والمبادرة بعد الأذان إليها، وعمارتها بتلاوة القرآن وبالذكر والتسبيح والتهليل وحلق العلم إلى غير ذلك، ولذلك كان أحب عباد الله ﷿ أسبقهم إلى المساجد؛ لأن المساجد بيوت الله.
ولذلك فإننا نعجب حينما يكون هناك أمر يستدعي أن يفهم المسلمون دينهم في مسجد من مساجد الله، وفي بيت من بيوت الله ثم يتخلف كثير من المسلمين عن هذا الأمر! ويتخلفون عن حلق الذكر التي يقول فيها الرسول ﷺ: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟! قال: حلق الذكر)، أي: مجالس العلم، فعلى المسلمين أن يتسابقوا إليها.
وهنا يقول الله تعالى: (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) والمراد بذكر اسمه ﷾: الصلوات الخمس، وتلاوة القرآن، والتسبيح والتهليل (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، والذي لا يستطيع تلاوة القرآن عليه أن يشغل لسانه بذكر الله، ويكثر من سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وإذا كان يجيد شيئًا من القرآن فلا يغفل عنه، ولا ننسى أن سورة (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، وهذه نعمة عظيمة من نعم الله ﷾.
المهم أن يشغل هذا الإنسان لسانه بذكر الله ﷿؛ حتى لا ينشغل بمعصية الله.
ومن رفعة بيوت الله ﷿ ألا تتخذ وسيلة للبيع والشراء، فقد أمر الرسول ﷺ أننا إذا سمعنا من يبيع ويشتري في المساجد أن نقول: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأينا من ينشد فيها ضالة نقول: لا ردها الله عليك، ولا تنشد فيها أشعار، ولا يقال فيها إلا ما يرضي الله ﷾، ولا يخاض فيها بشيء من أمور الحياة الدنيا، فكل ذلك يدخل في رفعة هذه المساجد، حتى قال بعض العلماء: النوم في المسجد يتنافى مع قول الله ﷿: (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)، ولكن نستطيع أن نقول: لا بأس بالنوم في المسجد عند الحاجة كأن يكون معتكفًا، أو لابن السبيل، أو لمن لا أهل له ولا دار أو ما أشبه ذلك، فهذه المساجد لا مانع من النوم فيها، وذلك لا يتنافى مع رفعتها.
5 / 11